عانى المغرب في القرن العشرين من عدة إكراهات منذ سنة 1912. حينها لم يكن يقوى على مواجهتها بسبب تراكم أزماته وضعف مواقفه. لكن بموازاة ذلك، كان تابعا لتقلبات العالم وأحداثه الكبرى، على رأسها الأزمة الاقتصادية في سنة 1921 ثم ما عرف بعام “البون” سنة 1944. فكيف عاش المغاربة هاته الظروف التي هلك الآلاف بسببهما؟
الحرب العالمية الثانية. وخلال تلك الفترة أي سنوات الحرب، خرجت فرنسا منتصرة وفارضة شروطها إلى جانب دول الحلفاء في ما عرف بمعاهدة فرساي سنة 1919. لم يكن لهذا الانتصار في أوربا إلا أن يعزز من شعورها بالسير قدما في مستعمراتها بإفريقيا. تزامن ذلك مع فترة المقيم العام الفرنسي هوبير ليوطي، الذي أرسى الخطوط العريضة لسياسة الاستعمار وللتغيير بالمغرب على عدة مستويات.
بعد سنوات قليلة من نهاية عهد الإمبراطوريات بأوربا، أصبح للعالم خريطة ليبرالية جديدة تخضع لوحدة الأهداف الاقتصادية بالأساس. وفي سنة 1929، ضربت العالم أزمة مالية غيّرت من مهد الأنظمة الرأسمالية وحولتها من نظام الاقتصاد الحر إلى ما عرف بالاقتصاد الموجه، الذي تخضع فيه بعض القطاعات الحيوية لنظام التأميم. كان لهذا الحدث هزات ارتدادية في المغرب إلى غاية عقد الثلاثينات. ولم تكن أوضاع الحامية الفرنسية بأفضل من المغرب باعتبارها مستعمرة، فبالرغم من أنها مرحلة ازدهرت بتطوير أنشطة التعدين والصناعات الزراعية وتدفق كبير لرأس المال الخاص، إلا أن فرنسا كانت تتخبط حينها في ديون كبيرة.
كان للأزمة العالمية أو ما سمي بـ”الكساد الكبير” آثار كارثية على التجارة العالمية ككل، وذلك نتيجة أرباح المؤسسات المالية وعائدات السلع والضرائب، فكانت صناعات المواد الأولية الأكثر تضررا في العالم، حيث تراجعت أسعار المحاصيل بنسبة تصل إلى 60 في المائة. في نهاية تلك السنة، لم يعد الوضع قابلا للسيطرة للإدارة الفرنسية، إذ كانت تكلفة الصادرات أقل من الواردات، فأصبحت غير قادرة على معالجة الأزمة، كونها على خط المواجهة الأولى للإفلاس العام.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 76 من مجلتكم «زمان»، فبراير 2020