اختار إبراهيم أوشلح التعليق على مذكرات عبد الرحمان اليوسفي “أحاديث في ما جرى”، من منطلق رؤية نقدية. في هذا الحوار الحصري يوضح أوشلح، الذي رافق اليوسفي في محطات من مسيرته النضالية، وجهة نظره وشهادته على بعض الأحداث التي تطرقت أو سكتت عنها هذه المذكرات.
عبرت عن وجهة نظر نقدية إزاء مذكرات عبد الرحمان اليوسفي الصادرة أخيرا تحت عنوان “أحاديث في ما جرى”، وقد عايشته في مراحل معينة. ما هي ملاحظاتك على هذه المذكرات؟
أعتقد أن تدوين الذاكرة وكتابة التاريخ بشكل عام من الأهمية بما كان، لأن حاضرنا هو نتيجة لما عشناه بالأمس، ولأنها يجب أن توضح ما حصل في الماضي من أجل مستقبل أفضل. وأعتبر نفسي معنيا بمذكرات السي عبد الرحمان كوني عشت معه محطات من مساري، سواء عندما كان أحد قادة الحزب بالخارج، أو عندما اشتغلت معه على ملفي الهجرة وحقوق الإنسان لما كان وزيرا أول، أو غيرها من مراحل مسيرته النضالية. في هذا الصدد، أتصور أن ما عشناه منذ فجر الاستقلال، كان عبارة عن صراع بين رؤيتين متناقضتين لما يجب أن يكون عليه المغرب. رؤية محافظة مثلتها الملكية والقوى المرتبطة بها وأخرى حديثة جسدتها الحركة الاتحادية واليسار عموما وحزب الاستقلال. بطبيعة الحال، كان لكلا الطرفين مصالح مادية ومنظومة قيم ومثقفون وحلفاء داخليون وخارجيون، فاحتدم الصراع بينهما على المستوى الفكري والسياسي ووصل إلى مستويات من الصدام العنيف استمرت لفترة معينة. عندما نقرأ مذكرات السي عبد الرحمان ونلاحظ الشكل الذي كتبت به، لا نجدها تعبر عن حقيقة هذا الصراع، مع أنه كان عنصرا فاعلا فيه. دون أن يعني ذلك أنه يتنكر لمساهمته أو مسؤوليته.
لكن الأمر يتعلق برواية اليوسفي الشخصية لما عاشه، وهو الذي يملك حرية عرض ذاكرته بالصيغة التي يراها مناسبة. وقد يفهم من كلامك أنك تريده أن يكتب ذاكرته كما تتصورها أنت!
أظن أن الأمر يبقى مرتبطا بالظروف التي كتبت فيها هذه المذكرات، والأسئلة أو المواضيع التي طرحت على السي عبد الرحمان، وهي ظروف طبعت بالسرية والكتمان وإبعاد أقرب مقربيه عن مشروع إعدادها، حتى فوجئوا بنبأ صدورها يوم 3 فبراير الماضي. شخصيا، أسجل نوعا من التناقض بين الخطاب العام الذي تعبر عنه هذه المذكرات والسلوك الشخصي لليوسفي نفسه. فقبل أشهر قليلة كان الرجل حريصا على عيادة سعيد بونعيلات والوقوف بجانبه طيلة الفترة التي كان فيها طريح الفراش. لا يتعلق الأمر بمجرد القيام بواجب الصداقة وإنما بالتعبير عن الحرص على حفظ ذاكرة بونعيلات وما يمثله هذا الرجل.
حاوره إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 54 من مجلتكم «زمان»