كان منصب صاحب الشرطة من المناصب الحساسة في الدولة المغربية المركزية، خلال العصر الوسيط، وكان من مهامه توفير تغطية أمنية كافية للخليفة والحاشية، وأيضا حفظ الأمن داخل المدن.
شكل حفظ الأمن في المدن المغربية هاجسا للسلطة المركزية خلال مغرب العصر الوسيط، فهو جزء من مشروعيتها وسيادتها، وضمان استمراريتها، ومن عناصر التعاقد بين الحكام والرعية، وتعبير في الآن نفسه عن أحد مظاهر “المؤسسات” التي أنشأتها لهذا الغرض.
شروط تولي منصب صاحب الشرطة
لا غرو أن منصب صاحب الشرطة كان من المناصب الحساسة في الدولة المغربية المركزية خلال العصر الوسيط. وبحكم هذه الحساسية، سلكت السلطة الموحدية معايير لاختيار متوليها، يأتي في مقدمتها المعيار السياسي الذي يفيد ولاء تاما للسلطة لاسيما أن المكلف بها، خاصة بالعاصمة مراكش، كان من مهامه «توفير تغطية أمنية كافية للخليفة والحاشية». ومن مؤشرات هذا المعيار، انتماء عدد من أصحاب الشرطة إلى القبائل التي شكلت عصبية هذه الدولة، فمنهم من كان ينتمي إلى قبيلة ﯕومية، قبيلة الخليفة الموحدي عبد المؤمن، ومنهم من كان من الأشياخ الموحدين ذوي الثقل السياسي والعسكري في هرم السلطة الموحدية، ومنهم من ارتبط بعلاقات المصاهرة مع الخليفة الموحدي، وقد أجمل ابن خلدون كل هذا حين أكد على أن خطة الشرطة خلال العصر الموحدي لم يكن يتولاها «إلا رجالات الموحدين وكبراؤهم». وهو ما يرجح أن يكون تعيين صاحب الشرطة خلال هذا العصر «يتم بأمر مخزني صادر عن الخليفة».
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 49 من مجلتكم «زمان»