“جنة على أرض مراكش”، و”أعجوبة العجائب”، كذلك كان قصر البديع في عيني كل من شاهده قبل نزول الخراب عليه، وأصبح الآن أثرا بعد عين.
مثل بناء قصر البديع بمراكش إشارة قوية لبداية عهد جديد في تاريخ الدولة السعدية، تجلى ذلك في تولي أحمد المنصور مقاليد الحكم، وفي الانتصار على البرتغاليين في معركة واد المخازن، التي دارت رحاها يوم الاثنين 30 جمادى الأولى عام 986هـ/ 4 غشت 1578م، وما أعقبها من مكاسب سياسية استفاد منها السلطان القائم، داخليا وخارجيا، إذ بعد خمسة أشهر على هذين الحَدَثَين البارزين، انطلقت أشغال البناء في شوال 986هـ/ دجنبر 1578م. تطلب هذا المشروع الكبير استمرار أعمال البناء طيلة ستة عشر سنة، حيث لم تكتمل الهيئة العمرانية لهذا القصر إلا سنة 1002هـ/ 1594م، بل إن بعض الإضافات التكميلية تم إنجازها بعد ذلك، استنادا إلى بعض النقوش الخطية من الكتابات الزخرفية التي كانت تزين جدران القصر والتي فُقد أغلبها، يتعلق الأمر ببعض الأشغال المرتبطة بوضع اللمسات الأخيرة على الأبواب وتثبيت أعمدة الرخام والشرفات والمقصورات، التي استمرت إلى 1010 هـ/ 1602م، أي سنة واحدة قبل وفاة المنصور.
اسم البديع يطابق المسمى
كلمة البديع، التي اقترن بها اسم هذا القصر، لها دلالة على كل ما هو جميل وحسن، وقد كان كذلك، فقد زينت أرضيته وجدرانه وأسقفه بـالزخارف والتوشيات من الزليج والفسيفساء، وأبدع الصناع فعلا في بناء وتجميل مختلف مرافقه مُطابقة لهذه التسمية، وقد استُمد هذا اللفظ إما من اسم إحدى القباب التي كانت تزين قصر قرطبة بالأندلس، أو كناية على رياض من رياضات الحماديين في باجة، والذي لحقه الخراب ثم أعيد ترميمه من قبل الموحدين. ورغم تعدد التفسيرات، فقد طابق الاسم المسمى لأنه تضمن كل بديع وغريب وعجيب.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 9 من مجلتكم «زمان»