يقع تأويل التاريخ القريب للريف في قلب السجال السياسي حول المنطقة. فهل امتلك الريف هوية محلية متميزة أم أن خصوصياته الثقافية ظلت مؤطرة في نطاق العناصر الجامعة للتجربة
التاريخية الوطنية؟
كتب المغاربة واحدة من ملاحم تاريخهم في الريف مع المقاومة البطولية للغزو الاستعماري الإسباني الفرنسي. من مكر التاريخ، أن ذكرى هذه الملحمة وما ترمز إليه، بقي عرضة لتأويلات شتى تستخدم في الصراع السياسي، كما في الجدل حول التاريخ الوطني ونموذج الدولة الوطنية. من بين هذه التأويلات ذلك التأويل الهوياتي، إن جاز الوصف، الذي يرى في تجربة محمد بنعبد الكريم الخطابي، زعيم الثورة الريفية، التجسيد الفعلي لهوية محلية يفترض أنها تميز المنطقة عن غيرها. يعبر هذا التأويل عن نفسه بأشكال مختلفة، وكثيرا ما يحدث أن يصدر عن السلطة نفسها، لا عن أبناء الريف! عندما تنتفض المنطقة طلبا للتنمية والعدالة والديمقراطية… وغيرها من قيم المواطنة، غالبا ما تواجه بتهمة الانفصال، أي التعبير الأقصى عن هذه الهوياتية الجهوية المفترضة. سواء استعملت التهمة استنادا على عناصر واقعية قد تخص أفرادا معينين، أو بنيت فقط على سوء النية، فإنها تستحضر بدون شك خلفية التجربة التاريخية للجهاد في الريف ضد الغزو الأجنبي، وذلك بتأويل ينأى بها عن التأويل الأقرب للواقع. هكذا، لا ينظر لجمهورية الريف في صورة الإطار السياسي الذي فرضته ضرورة تنظيم الجهاد ضد الغزو الأجنبي في ظل العروبة والإسلام، وفي ظروف الحركة الجهادية التي عمت مختلف أطراف المغرب آنئذ، وإنما في صور أخرى مأمولة أكثر منها واقعية.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 45 من مجلتكم «زمان»