اعتنق عدد من المغاربة اليهود الإسلام، لكن مع ذلك ظلوا يعانون التهميش والإقصاء حتى وإن بلغ بعضهم شأوا عظيما في العلم والثروة.
عرف المغرب، خلال تاريخه الحديث، ظواهر اجتماعية غريبة يصعب فهمها أو تفسيرها بمجرد العقل والمنطق السليم، إذ كيف يعقل أن يُضطهد مغاربة مسلمون ينحدرون من آباء مسلمين، لعدة أجيال، فقط لأن جد جدهم كان يهوديا فاختار دين الإسلام اعتقادا منه أن أكرم الناس عند لله أتقاهم؟ لكن الواقع مُر وصادم، ولم يعترف دائما بهذه الحقيقة التي تبدو لنا بديهية.
إسلاميون ومهاجرون
انخراط المغاربة في الدين الإسلامي عملية طويلة المدى استغرقت عدة قرون وسمحت للعديد من أتباع الديانات السماوية، وغيرهم من الوثنيين، بأن يندمجوا في مجتمع إسلامي متجانس كان الدين الإسلامي فيه هو القاعدة التي يستند إليها والرابط الذي يجعل منه أمة متماسكة واحدة. وإذا كان الفتح الإسلامي بالمغرب وغيره قد تميز بدرجة كبيرة من التسامح أتاح لأصحاب الديانات السماوية الأخرى أن يحتفظوا بمعتقداتهم ويمارسوا شعائر دينهم بحرية لم تكن دائما متوفرة في المجتمعات الغربية، فإن بعض الحكام المغاربة خضعوا في بعض الأوقات لضغط التيارات المحافظة، بل والمتطرفة في تأويلها للإسلام، ليديروا ظهرهم لمبادئ الإسلام السمحة ويمارسوا سياسة الإقصاء والاضطهاد ضد من استظلوا بحماية المجتمع الإسلامي. وهكذا، عرف التسامح الديني تراجعا خطيرا طبعه تعصب على مستوى العامة واستهداف لليهود، خاصة في عهد المرينيين، مما اضطر العديد منهم إلى دخول الإسلام كرها. لكن خلال تاريخ المغرب الطويل بادر العديد من اليهود إلى الالتحاق بـالإسلام طواعية، إما اقتناعا منهم بهذا الدين، أو رغبة منهم في تحسين وضعيتهم المجتمعية والتخلص من وضعية الذمة المهينة التي تحرمهم من امتيازات كثيرة وتجعل منهم رعايا من درجة ثانية.