كان لمدينة فاس، قوة عسكرية ذاتية تقوم بحمايتها والسهر على أمنها، وهي القوة التي حاول الحسن الأول دمجها في الجيش المخزني.
فترات تقلص الظل والضعف السياسي كثيرة في تاريخنا، لذلك كان لابد لأهل فاس أن يلجؤوا إلى تجنيد الشباب من كل حومة من حومات المدينة وتدريبهم وإمدادهم بالسلاح والعدة استعدادا للدفاع عن الحومة أو المدينة ككل. ويقول الحسن الوزان، الذي عاش بالمدينة في بداية القرن السادس عشر، إن الأحداث من أبناء فاس كانوا يخرجون إلى الفضاءات الموجودة خارج الأسوار ليتمرنوا على الرماية، ويتحدث عن التنافس الشديد الموجود بين أبناء الحومات المتصارعة، إذ كانت تقع مواجهات عنيفة بين الفرقاء، لكنها كانت تسمح لأحداث المدينة بالتمرس على الرماية، كما كانت تسمح بظهور زعامات على مستوى حومة أو جهة من الجهات الثلاث (اللمطيون والأندلس وعدوة القرويين)، أو المدينة ككل. ويمكن اعتبار رماة فاس بمثابة ميليشيا حضرية تتشكل عند الحاجة ثم يعود أفرادها إلى مزاولة حرفهم وأعمالهم اليومية، فيذوبون في النسيج الحضري ولا يلتفت إليهم أحد إلى أن يطرأ طارئ.
محمد المنصور
تتمة الملف تجدونها في العدد 37 من مجلتكم «زمان»