ساعدت المعتقدات الدينية والثقافية، وكدا الدفوعات “البروتوكولية” في انتشار الوباء. هذا ما بدي واضحا في المغرب حتى القرن 19 ومطلع القرن 20، بالرغم من التعليمات والضغوطات الصادرة عن القنصليات الأجنبية…
لم تكن الأوبئة التي أسهمت، إلى جانب المجاعات، في تحديد الواقع الديموغرافي لمغرب ما قبل الاستعمار، بالشيء الجديد الطارئ على هذا البلد، الذي ارتبط استقرار نموه البشري بمحددات طبيعية. فالوباء ضارب في القدم، وساق في طريقه إلى الحتف جماعات وأفرادا من شعوب وأمم مختلفة، اختلفت في تمثله والتعامل معه، بين اعتباره قضاء وقدرا أو عقابا إلاهيا. ولما كان الفشل مصير العديد من محاولات درئه أو التصدي له أو الشفاء منه، فقد كان طبيعيا أن يتم استبطان ثقافة سلبية في التعامل معه. مما جعله قادرا على اختراق مجالات جغرافية واسعة، متحركا في ركاب المتنقل من بني البشر الذي ينقل معه العدوى. هكذا، أخذ وباء الطاعون طريقه من الشرق، عبر البر حينا وعبر البحر أحيانا أخرى، متسللا بين قوافل التجار تارة وبين ركب الحجيج تارة أخرى، قبل أن ينتشر بين مختلف جهات المغرب عبر آليات مختلفة، متسببا في هدر ديموغرافي مهول في كثير من الأحيان. نفس السيناريو تكرر مع وباء الكوليرا الذي عرف عند المغاربة بالريح الصفراء أو بو ڭليب.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 79 من مجلتكم «زمان»