عاشت في مجتمع الواحات، في الجنوب المغربي، عناصر بشرية ذات سحنة سوداء، شكلت فيما بعد ما عرف بـ«الحراطين» الذين كانوا في مرتبة أقرب إلى العبودية.
عرفت الواحات المغربية استقرارا بشريا قديما، ارتبط بممارسة النشاط الزراعي، نشاط أسهم بدوره في توافد عناصر متنوعة، بما يفسر تنوع أصول ساكنتها، وكان من هؤلاء ما اصطلح عليه، في زمن غير مضبوط بدقة، بالحراطين الذين شكلوا أحد المكونات الرئيسة لمجتمع الواحات.
أصل الحراطين ومعنى الكلمة في غياب الوثائق ذات الصلة بأصل الحراطين، اختلف الدارسون في تحديد أصلهم، وتعددت آراؤهم في الموضوع وفرضياتهم، منهم من ذهب إلى أنهم من أصول إثيوبية ذات البشرة المائلة إلى السواد، من أعقاب “السلالة الزنجية القديمة التي كانت تسيطر في القديم على مجالات فسيحة في الصحراء، والتي أطلق عليها ديفيريي مصطلح “الكرامانت” (Garamantes)”، بما يفيد أنهم من ساكنة الشمال الإفريقي الأصيلين، تسربوا إلى الواحات “في وقت مبكر ليشكلوا إحدى قواعدها البشرية الأولى”، وتكمل هذه الرواية ما خلص إليه ج. كاتيفوس، من “وجود علاقة بين الكوشيين الأحباش، (…)، وبين الحراطين المنتشرين ما بين تافيلالت ودادس ودرعة وفي نواحي فـﯕيـﯔ”، بما يفيد أن عنصر الحراطين قديم الاستقرار في الواحات.
يعضد هذا الطرح ما ارتآه باحثون آخرون، مالوا إلى أن العنصر الحرطاني “كان مستقرا في الواحات قبل توافد الهجرات الأمازيغية”، التي عملت على استرقاق مجموعات بشرية كانت مستقرة في الواحات، سخروها لخدمتهم بعد سيطرتهم على وسائل الإنتاج من أرض ومياه.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 39 من مجلتكم «زمان»