يختلف الباحثون حول مدى تأثير التعليم الإسلامي، ففيما يرى رواده أنه جاء لإنقاذ اللغة العربية يعتقد آخرون أن أفقه كان محدودا أو «مبتورا» كما سماه محمد عابد الجابري.
خلال مقابلتين للبحث أجراهما جون جيمس ديمس(John J. damis) أواخر الستينات من القرن الماضي مع أحمد معنينو وأحمد الشرقاوي اعتبرا معا أن إنشاء المدارس الحرة جاء “لإنقاذ اللغة العربية”. وفي الجانب الآخر أوضح غاستون لوط (Gaston Loth)، أول مدير للتعليم أو ما يعادل وزير التعليم خلال فترة الحماية، سنة 1917، بأنه “قبل العيش والعمل في وسط مغربي إسلامي، يتلقى تلامذة الثانويات العربية، ثقافة عربية إسلامية، ولا يتلقون ثقافة أوربية لا تؤهلهم تقاليدهم لاستعابيها”.
بين نزعة وطنية “هوياتية” ترفع شعار الدفاع عن مقومات الأمة، وفي طليعتها لغة القرآن، ونزوع إبقاء الأمور على عوائدها والمحافظة على الجوهر التقليدي للمغاربة الذي تبناه المقيم العام ليوطي بدا وكأن الاعتناء باللغة العربية صار أولوية للجانبين وفي ذلك سيتنافس المنافسون، لكن واقع الحال يقول بأن النزعة البرغماتية هي التي انتصرت في نهاية المطاف، مادام رهان البحث عن تعليم منتج للأطر صار معيارا وأولوية سواء بالنسبة لمشروع الوطنيين أو لإدارة الحماية في هذا الباب.
في البدأ كان لَمْسِيدْ
اعتبرت لَمْسايَدْ المنقحة ردا عنيفا على المؤسسات التعليمية الاستعمارية التي تميزت برامجها بتجاهل اللغة العربية والمواد الإسلامية وطغيان اللغة الفرنسية في الحصص التعليمية، وهو ما اعتبر تحديا ضمنيا للإسلام كنسق عقائدي وثقافي، كما أن قناعة المغاربة بمستوى التعليم بِالمسايد العتيقة، لم يعد كما كان عليه الحال قبل مجيء الفرنسيين، فكان رد فعلهم التوجه لتطوير هذه المؤسسات التعليمية مستفيدين في ذلك من تجارب العديد من البلدان الإسلامية التي شرعت في إنشاء هذا النوع التعليمي، ومن بينها سوريا سنة 1850، وإيران سنة 1875، وتونس سنة 1890، وسادت القناعة بعدم جدوى التعليم التقليدي وفاعليته في مواجهة المد الثقافي الاستعماري. وفي المغرب، كما هو الشأن بتونس، وجدت هذه الدعوات صداها في العديد من الأوساط البورجوازية والإصلاحية، حيث تكونت العديد من لجان الإشراف في كبريات المدن المغربية: فاس، وسلا، والرباط، والبيضاء، والجديدة، وأسفي، أما بمراكش فقد تزعم المبادرة الباشا الكلاوي الذي عمل على فتح 4 مسايد منقحة: مسيد المواسين، وباب دكالة، ورياض الزيتون الجديد والقصور.
محمد اليازيدي
تتمة المقال تجدونها في العدد 1 من مجلتكم «زمان»