حفل التراث الإسلامي، سواء عند المشارقة أو المغاربة، بطرائف تمردت عن الضوابط التي وضعها المتشددون من الفقهاء .وتعود بعض الطرائف إلى زمن النبي، الذي قيل إنه كان «لا يمازح إلا بحق».
لما كان الضحك غريزة بشرية، وطبيعة إنسانية، فقد حفل التراث الإسلامي بمشاهد الفكاهة والضحك، ورغم الضوابط والشروط التي وضعها الفقهاء، فإن الطبع يغلب التطبع، إذ لم يراع المجتمع في أغلب أحواله هذه القيود، وعرف التاريخ الإسلامي عددا من المضحكين وأهل الفكاهة، كما صنفت عدد من المؤلفات في الباب، سواء بالمشرق الإسلامي أو غربه .فما هي أبرز مظاهر التفكه في العصور الإسلامية الأولى؟ وما هي أبرز المؤلفات التراثية في الضحك والهزل؟ وما هي مساهمات الفقهاء المغاربة في هذا المجال؟
رغم ما قد يبدو أو نقل من الجدية عن العصر الأول للإسلام، ورغم ما يردده الفقهاء من أن الإسلام قد وضع للضحك والفكاهة إطارا أخلاقيا منضبطا، كعدم الكذب في المزحة وعدم الترويع بها، وأن النبي كان لا يمازح إلا بحق، فإن ما سجلته كتب الرواية التاريخية يظهر شكلا آخر من طبيعة الحياة يومئذ، منسجمة مع الطبيعة البشرية وميلها للدعابة والمرح، بل غير منضبطة حتى بالشروط التي تحدث عنها الفقهاء نظريا، فكان أصحاب النبي يتبادحون بالبطيخ في المسجد، أي يتقاذفونه بينهم ويرميه بعضهم على بعض دون اعتبار ذلك ماسا بحرمة المصلى، وكان عمر بن الخطاب مع ما اشتهر عنه من الصرامة والشدة يمازح الناس ويضاحكهم، كقوله لجارية: «خلقني خالق الكرام، وخلقك خالق اللئام!»، فلما رآها ابتأست من هذا القول، قال لها مبينًا: «وهل خالق الكرام واللئام إلا لله عز وجل؟».
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 117 من مجلتكم «زمان»