لم يفقد المغرب سيادته إلا عندما فقد استقلاله الاقتصادي وأصبح صنيعة في أيدي رجال الأبناك الأجانب بتعاون مع رجال السياسة.
لم يكن الاقتراض إلا آلية من الآليات التي اعتمدتها الدول الإمبريالية إبان القرن 19 لفرض هيمنتها الاقتصادية ومن ثم السياسية على دول لم تبلغ بعد طور التصنيع، ولم يكن المغرب إلا واحدة من تلك الدول التي نجحت فيها هذه الآلية المحكمة. فالفجوة التي فتحت بعد معركة إيسلي سنة 1844، انضافت إليها التزامات اقتصادية على إثر معاهدة تجارية مع البريطانيين سنة 1856، لتأتي حرب تطوان عام 1859-1860، حيث لعبت بعدها الأبناك الأجنبية، ولأول مرة دورا سياسيا في تعزيز النفوذ الأجنبي، فكان أول قرض مغربي من الخارج بمثابة نذير لغزو أوربي مبني على الرأسمال وسلطة المال، لتتوالى بعد ذلك الأزمات الداخلية، وبخزينة مفلسة كان يتم السعي في كل مرة للاقتراض، وبشروط مجحفة كانت تتآكل معها سيادة المغرب على ماليته وترابه، ليحكم عليه في النهاية بالإفلاس وفقدان الاستقلال.
مكره أخاك لا بطل
يقود البحث عن أسباب ومقدمات مسلسل الاقتراضات الخارجية إلى بداية النصف الثاني من القرن 19، عندما عملت إسبانيا على إشعال فتيل الحرب، رغم أن أحداثا أكثر خطورة من قبل لم تجعلها تعمد لمثل هذا القرار. ولم يكن بوسع السلطان محمد بن عبد الرحمان إلا الانجرار وراء الحرب بعد الشروط المذلة التي فرضها الإسبان، عقب الاصطدام بين قبيلة أنجرة والحامية الإسبانية لمدينة سبتة، متذرعين بتحطيم مركز للحراسة على الحدود.
نجاة حمين
تتمة المقال تجدونها في العدد 13 من مجلتكم «زمان»