كانت فترة حكم بن عرفة قصيرة جدا لكنها كانت حبلى بالأحداث. فما هي السياقات التي حملت رجلا طاعنا في السن إلى التربع على العرش؟ كيف تقبل المجتمع المغربي العهد الجديد؟ لماذا لم يصمد بن عرفة طويلا؟ وهل كان هناك إجماع شعبي على السلطان محمد بن يوسف؟ وكيف عاش المغاربة في هذه الفترة؟ المؤرخ المصطفى بوعزيز يجيب عن هاته الأسئلة.
ما هو السياق الذي جاء فيه عزل السلطان محمد بن يوسف؟
لفهم الأحداث السياسية التي حصلت خلال مرحلة عزل السلطان محمد بن يوسف، يتعين علينا العودة قليلا إلى الوراء، فهذا الواقع هو نتيجة سيرورة استمرت لستة سنوات .فابتداء من سنة 1947كانت إمكانية إيجاد تفاهم إيجابي ومنتج بين الحركة الوطنية ومحمد بن يوسف من جهة، وفرنسا من جهة أخرى قائمة، نظرا لمساندة المغاربة للحلفاء ولوجود مقيم عام ليبرالي هو إريك لابون الذي قدم عرضا وبرنامجا للتحضير التدريجي للاستقلال، لكنه رفض من طرف الوطنيين لكونه غير كاف وأيضا من طرف تيار المعمرين المتشددين. ولن تدوم مرحلة التفاهم طويلا بسبب سلسلة من الأحداث من قبيل خطاب السلطان القوي في طنجة، وكذا ردود الفعل المغربية العنيفة انتقاما من ضربة «ساليغان».
ما الذي حصل بعدها؟
سيجري تعويض لوبان بمقيم عام قادم من خلفية عسكرية وهو جوان، وسيضع نصب عينيه هدفا واحدا هو تركيع السلطان. وفي هذا السياق، سيتعزز نفوذ المتشددين في أوساط الإقامة العامة، وسينمو صراع الشرعيات أي الصراع بين شرعية السلطان والشرعية الفرنسية.
سيتخذ هذا الصراع أشكال معارك سياسية من داخل المؤسسات الفرنسية في المغرب مثل مجلس شورى الحكومة أو احتجاجات وإضرابات وكذا مذكرات بهدف تدويل القضية المغربية، ثم سيلتحق بهذه الدينامية النقابيون المغاربة الذين كانوا يمارسون من داخل النقابات الفرنسية، لكنهم كان بدأوا ينزعون نحو نوع من الاستقلال .وأمام تنامي المد الوطني الذي بلغ أوجه في الأحداث التي تلت اغتيال النقابي التونسي فرحات حشاد في 7 دجنبر من سنة 1952ستقدم فرنسا على إغلاق الحقل السياسي والنقابي والإعلامي بالكامل، وهذه هي المرحلة الأخيرة التي سبقت عزل السلطان.
كيف ذلك؟
اعتقلت أبرز القيادات الحزبية واضطر بعضها إلى المغادرة إلى الخارج كما منعت الصحف .ودخلنا في مرحلة تكميم الأفواه، وسيكون رد الفعل هو تزايد عدد الخلايا الفدائية وتكاثر الأعمال المسلحة كنتيجة مباشرة لسياسة قمع الصوت المغربي.
ومع هذه الشروط، ستكون الواجهة السلطانية إحدى واجهات الصراع، حيث انخرط السلطان فيه من خلال رفضه توقيع الظهائر التي تقدم من طرف الإقامة فيما عرف بـ«إضراب الخاتم»، وكان بعض هذه الظهائر يريد منح الفرنسيين المقيمين في المغرب صفة المواطنة، ليستمر بالتالي التصعيد، إلى أن نصل إلى خطوة عزل السلطان في عهد المقيم العام غيوم.
تتمة الملف تجدونها في العدد 64 من مجلتكم «زمان»