يعيش حزب “العدالة والتنمية” أزمة داخلية “زلزلت” قيادته الحالية قبيل انطلاق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وذلك بسبب إطلاق مبادرة جمع توقيعات على مذكرة “تصحيحية”، تدعو لعقد مؤتمر استثنائي وترمي لترميم أركان الحزب.
في منتصف شتنبر المنصرم، أطلق أعضاء من “بيجيدي”، أغلبهم من شبيبته، مبادرة بعنوان “النقد والتقييم”، موجهة للمجلس الوطني للحزب من أجل عقد مؤتمر استثنائي. ويقول أصحاب المبادرة إنها جاءت «بعد أشهر من النقاش الدائم والمستمر، والذي خلصنا فيه لأهمية القيام بمبادرات جريئة ومسؤولة، وضرورة تحمل المسؤولية في تقديم مبادرات واقتراحات قصد الإسهام في إعادة النفس النضالي لقواعد الحزب والشبيبة، وإعادة فتح نقاشات حول الوضع السياسي ببلادنا». وقد تم إيداع نسخة ورقية من المذكرة، بالمقر المركزي للحزب بالرباط قصد الحصول على وصل تسلمها، لكن الأمانة العامة رفضت تسلمها.
بإزاء هذا، طرحت مجموعة من التساؤلات حول وجود شرخ كبير، جعل شبيبة الحزب تخصص مذكرة من 19 صفحة، للتفصيل في مشاكلها وتجلد قيادتها أمام الرأي العام. وظل الاستفهام الأبرز حول من يقف وراءها: هل هو تيار بنكيران الذي طالما سعى للإطاحة بالعثماني من أمانة الحزب وإعادة زعيمهم إلى الواجهة؟ أم هو خليط وتيار جديد ناقم على القيادة ؟ يمكن استشفاف الجواب من خلال دعوات المذكرة.
يركز المنتفضون في مذكرتهم على إنجازات بنكيران في حكومته وولايته السابقة (2012-2016). وخصصوا جزءا كبيرا للحديث عن إعفاء بنكيران وما نتج عنه. كما يلقون باللوم على رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بكونه «يتوصل فقط بآخر القرارات» وأن موقعه وخرجاته الإعلامية “بدون إضافة” في الحكومة، بالإضافة للعديد من المشاكل المتراكمة، منذئذ، داخل الحزب.
يؤكد أصحاب المبادرة أن هدفهم «هو عدم تشخيص المبادرة وعدم ربطها بأي تيار أو رمز من رموز الحزب فهي نابعة من القواعد»، لذا، يعتبرون دعواتهم «فرصة تاريخية قد لا يجود التاريخ بأمثالها، فرصة لتصحيح أخطاء الماضي ولم شمل أبناء الحزب الواحد، وتعزيز ارتباطهم به بعد أن انسحب البعض منهم، ونقص حماس البعض الآخر مع توالي الهزات العنيفة التي عرفها الحزب منذ إعلان حكومة ما بعد البلوكاج إلى اليوم».
يبدو أن المذكرة أقلقلت أمانة الحزب وقيادته الحالية، إذ شككوا في من يقف وراءها، وما يزالون يتوجسون من التجاوب معها أو الحسم في طلباتها. بل واعتبرها البعض، من داخل الحزب، أنها مبادرة لا تشكل تهديدا ولا تنبئ ببوادر انشقاق، فهي محطة على غرار أزمات مشابهة مر بها الحزب. لكن ورغم ذلك، فالمبادرة تلقى استحسانا من طرف أعضاء الحزب ومجلسه الوطني وبعض قيادييه البارزين، وما تزال أعداد الموقعين في الارتفاع، إذ بلغت المئات بعد أيام قليلة من إطلاقها.