ادعى حاميم ابن مَنّ الله بن جرير النبوة في منطقة غمارة، كما زعم أنه كتب “قرآنا”، ضمنه تشريعات ألغى فيها الحج وأحل أكل أنثى الخنزير.
عرفت منطقة غمارة كفضاء نشيط لنمو الحركات المعارضة للسلطة المركزية وكبنية قبلية عنيدة وشرسة تقاوم من أجل الحفاظ على نوع من الاستقلال الجهوي والهوياتي. ومثل دين “النبي” حاميم واحدا من تجليات هذا الحراك المستمر للغماريين ضد السلطة خلال مغرب العصر الوسيط، شريعة عملت على مراعاة الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية المحلية متجاوزة كثيرا مما جاء به الإسلام، ولو أنها عملت على محاكاة دعوته وتقليدها من خلال كتابة “قرآن” بربري أو تشريع عدد من الصلوات وتخصيص أيام للصوم. وعموما يمكن القول إن حاميم استطاع أن يجعل من نفسه رمزا نبويا محليا وفريدا خاصا بالغماريين دون غيرهم.
لا يوجد في تاريخ المغرب حركات أكثر غموضا وإثارة للجدل من حركات المتنبئين والسحرة، وذلك راجع بالأساس لندرة المصادر التاريخية التي تناولتها وإلى مجانبتها للحياد وتحاملها المفرط عليها في أحايين كثيرة. وكذا لكون هذه الحركات التي شهدها مغرب العصر الوسيط لم تخلف أي إرث مؤرخ لتجربتها يمكن أن يساعد في فهم سياقات تشكلها وطبيعتها المذهبية ومشروعها السياسي. وقد شكلت منطقة غمارة في بطن مصمودة أرضا خصبة لولادة مثل هذه الحركات الاجتماعية-السياسية المنطلقة من خلفيات دينية.
عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 51 من مجلتكم «زمان»