في مطلع السبعينات، بدأ شباب صحراويون يصِلون إلى الرباط لإتمام دراساتهم العليا في جامعة محمد الخامس. وكان من بينهم شاب نبيه يحمل اسم الولي مصطفى السيد.
لم يشكل الحرم الجامعي، في عاصمة المملكة، الاستثناء في وقت أصبح الطلبة يحملون همَّ تحرير وتحرر الشعوب من الاحتلال والاستبداد. لم ينْسَ أحد، بعْد، هزيمة العرب، في عام 1967، ضد إسرائيل. وكان صدى ماي 1968 ما يزال يتردد في الآذان.
بكل تأكيد، لم تكن ذاكرة مصطفى السيد قد ملأتها الثقوب السوداء، ولم تكن أذنه مضبوطة على موجة أخرى. فهو في الرباط بين ناس يعيشون نشوة الاستقلال، وأهله في الصحراء يئنون تحت “سوط” الاستعمار الإسباني. وبين النشوة والأنين عالَمان.
بادر السيد إلى مفاتحة رفاقه الصحراويين في قضية تحرير الساقية والوادي، وتكلف بفتح قنوات الاتصال مع مسؤولين سياسيين وحزبيين مغاربة، من أجل النصيحة والدعم. لكن تجربته، ولأسباب ما، لم يُكْتب لها النجاح.
بُعَيْد ذلك، أعلن الطلبة الصحراويون، يوم 10 ماي 1973، عن تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، بعدما ضمنوا دعم الرئيس الجزائري الهواري بومدين، وأسلحة وأموال الزعيم الليبي معمر القذافي. وبفضل تلك الأسلحة والأموال، شكلوا جناحا عسكريا يحمل اسم جيش التحرير الشعبي الصحراوي. كان هدفه طرد المحتل الإسباني، ولم يكن يحمل، في البداية، خلفيات انفصالية.
في المقابل، كان الملك الراحل الحسن الثاني يتصور استراتيجية أخرى لتحرير الأقاليم الجنوبية، بـ”لا حرب، لا سلاح”. وبعد سنتين ونصف، أعلن عن تنظيم “مسيرته الخضراء” من أجل “صلة الرحم لإخواننا في الصحراء”.
منذئذ، تحول موقف تلك المجموعة الصغيرة جذريا، ووجهت أسلحتها نحو المملكة، معلنة تأسيس “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، يوم 27 فبراير 1976. جاء إعلانها على أرض الجزائر، وبدعم واضح، هذه المرة، من الهواري بومدين حتى تكون “حجرة في صباط المغرب”، كما ردد دائما.
أي نتيجة
View All Result