ينتسب أحمد بن أبي محلي الفيلالي (967-1022ه/1559-1613م) إلى أولاد السبع، أهل زاوية القاضي، بسبب اشتهار الأسرة بالقضاء منذ العهد المريني بسجلماسـة والنواحي، فكما قال ابن أبي محلي: “لا ينازعهم ببلد سجلماسة أحد”، واستمرت شهرتها في العهد السعدي، ففي رسالة السلطان السعدي أبو المعالي مولاي زيدان لأحمد بن أبي محلي يقول فيها: “وزاويتكم المباركة أعظم زوايا، عمرها الله على الدوام بالذكر، ولا أخلاها من عظيم الثواب والأجر، آمين”. تلقى ابن أبي محلي الفيلالي مبادئ العلم وحفظ القرآن بزاوية والده التي كان يشرف عليها بنفسه، فلولاه كما يقول أحمد بن أبي محلي: “لضعت فجزاه عنا خيرا في ضبطه، وضغطه”، ثم انتقل إلى فاس وهو في مقتبل العمر رفقة أخيه محمد بن عبد الله، فكان نزولهما بمدرسة العطارين عام 980هـ/1575م وبها سكناهما، إلا أن وفاة أخيه بفاس أثرت عليه بشكل كبير، سواء في مساره العلمي أو في اتخاذ قرارات انفرادية لطالما كان يحلم أن يكون مستقلا بنفسه بعيدا عن وصاية والده وأخيه من بعده.
من أجل توسيع مداركه العلمية، سار يتنقل ويجوب المراكز العلمية الكبرى والقرى والمداشر بحثا عن العلم والعلماء، فسافر إلى مراكش ولازم دروس بابا السوداني، وبعدها سافر إلى الدلاء، ثم فجيج وبها لقي الشيخ أبا القاسم الفجيجي، لازمه وأجازه في جميع ما قرأه، ورواه عن شيوخه المغاربة والمشارقة عام 1000هـ/1592م، وختم عنده البخاري. وبعدما اكتملت شخصيته العلمية في مجموع أرجاء المغرب، وصلب عوده، سار أحمد بن أبي محلي يتطلع في الذهاب إلى الديار المقدسة. قرر أحمد بن أبي محلي القيام برحلته الحجازية الأولى عام 1000هـ/1592م ش أنه شأن باقي الفقهاء والعلماء، فكانت مناسبة اجتمع فيها بالعديد من الفقهاء والعلماء سواء بالحرمين أو بقية الأقطار والأمصار التي اجتازها في ذهابه وإيابه.
سعيد واحيحي
تتمة المقال تجدونها في العدد 8 من مجلتكم «زمان»