فقد المغرب أحد أكبر الوطنيين والمقاومين للاستعمار، الفقيد الغالي العراقي، الذي وافته المنية بعد مرض عضال يوم الثلاثاء 31 دجنبر 2013.
ولد الفقيد في فاس في فبراير 1924، وسط عائلة محافظة، وتلقى تربيته الأولى بالمدارس الوطنية بالعاصمة العلمية، على يد وطنيين كبار منهم بوشتى الجامعي، الهاشمي الفيلالي وأحمد الريفي. بعد وفاة والده انتقل مع اخوته الكبار إلى الجديدة، وكان أخوه قاسم العراقي مسؤولا، آنذاك، عن الحركة الوطنية في منطقة دكالة.
بعد تقديم عرائض المطالبة بالاستقلال، واشتداد الاحتجاج على بقاء الحماية في المغرب بعد الحرب العالمية الثانية، اضطر العراقي إلى الهجرة إلى طنجة، وهناك سينضم إلى الهيئة المشرفة على العمل الوطني، وضمنها عبد الرحمان اليوسفي وعبد اللطيف بنجلون.
في إطار هذه القيادة الوطنية سيتكلف بالعلاقات الخارجية للحركة الوطنية الاستقلالية. وبعد انطلاق المقاومة المسلحة، ستتكلف هذه الهيئة بتوفير اللوجستيك الضروري لخلايا المقاومة، وسيكون للعراقي دور مهم في هذا الدعم، حتى أقراص السم التي كان المقاومون يحملونها في طيات لباسهم لوضع حد لحياتهم إن هم سقطوا في شباك المخابرات الاستعمارية، كان العراقي هو الذي جلبها من الدكتور حافظ إبراهيم من إسبانيا. سينتقل العراقي إلى تطوان، حيث سيساهم في تأسيس المجلس الوطني لجيش التحرير المغربي، وسيعين ككاتب عام لهذا المجلس، وبالتوازي مع هذه المهمة الادارية، كان يساهم في شراء وجلب السلاح لجيش التحرير، وسيكون له دور في توطيد العلاقات مع جبهة التحرير الجزائرية، مما سيقوده لربط علاقات وطيدة مع القادة: أحمد بنبلة، محمد بوضياف والعربي بلمهيدي، كما أن علاقاته بمصر الناصرية كانت مهمة على الرغم من اختلاف وجهات النظر حول استراتيجيات تحرير المغرب الكبير. سيعينه محمد الخامس، بعد الاستقلال، أول عامل على فاس، وسيتفرغ بعد ذلك للعمل الوطني
ركزالعراقي ذاكرته كوطني وكمقاوم، في عدة كتب، منها «ذاكرة نضال وجهاد» و«البيان والبرهان».
ووري جثمان الفقيد في بداية سنة 2014 بمقبرة الشهداء بالدارالبيضاء، وشيعت جنازته مجموعة من المقاومين والأقارب، على رأسهم عبد الرحمان اليوسفي وآيت إيدر، في غياب تام لممثلي الدولة والمندوبية السامية للمقاومة ووسائل الإعلام.