جذب موقع شالة الفينيقيين، أولا، ثم تبعهم الرومانيون الذين جعلوا منه مرفأ مزدهرا. ومع وصول المرينيين إلى الحكم، حولوه إلى مدفن خاص بسلاطينهم وأمرائهم.
تقع شالة بالجهة الجنوبية الشرقية من مدينة الرباط، حيث لا يفصلها عن مركز العاصمة أكثر من كيلومترين. وهي في وضعها الحالي تتخذ شكل قلعة أو قصبة، حدودها متصلة بمدينة الرباط مما يلي سور باب الحديد والطريق المفضية إلى وادي أبي رقراق من الجهة الغربية. يستوقف الزائر لموقع شالة الأثري بأطلاله الرومانية وآثاره الإسلامية ذلك التنوع الحضاري الكبير الذي تشكل عبر القرون، فقد مر من هناك الفينيقيون الذين جذبهم إليه وفرة مياهه العذبة والمصب النهري المتميز الذي يصل البر بالبحر، فاتخذوه كمركز تجاري على الساحل الأطلنتيكي، ثم دخلت المنطقة تحت النفوذ الروماني فكانت من المرافئ المزدهرة التي استمر إشعاعها زمنا طويلا. عرفت المنطقة، خلال الفترة الإسلامية، مجموعة من التبدلات سواء بشريا أو مجاليا، فقد أصبحت تسمية “سلا” مقتصرة على المدينة المحدثة الواقعة على الضفة اليمنى للوادي. أما موقع شالة، فاضمحل وهجه، باستثناء بعض الفترات التي كان يُتخذ كقاعدة لمواجهة قبيلة بورغواطة. وكادت شالة ومحيطها يعرفان أفقا حضاريا أرحب مع تأسيس يعقوب المنصور الموحدي لمدينة الرباط، غير أن عدم اكتمال المشروع، بعد أن اختطفته المنية، همش هذا الموقع من جديد حيث لم يعد إليه ألقه ودوره الحضاري إلا مع المرينيين الذين أقاموا به العديد من المنشآت ذات النفع العام والخاص.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 51 من مجلتكم «زمان»