من يتوقف عند النهاية الحزينة للشيخ عبد الحي الكتاني، منفيا بنيس الفرنسية، بعد حصول المغرب على استقلاله، سيستغرب أن هذا الرجل كان في بداية حياته مقاوما شرسا للاستعمار، ودفع الثمن غاليا من أجل ذلك، قبل أن ينقلب إلى حليف لفرنسا .كيف ذلك؟..
لا يجادل أحد، سواء من أصدقاء أو أعداء عبد الحي الكتاني، في مكانته العلمية، فالرجل كان أحد أرفع علماء المغرب في النصف الأول من القرن العشرين. تشهد على ذلك تراجمه الكثيرة التي تصفه بالعلامة، المحدث، الحافظ، المسند، المؤرخ، المطلع…إلخ. وقد أهله المحيط الذي درج فيه لتبوء هذه المكانة، فهو ابن الزاوية الكتانية. ولد بفاس، سنة 1883، في كنف عائلة صوفية عالمة. فأبوه هو عبد الكبير الكتاني شيخ الزاوية، وخاله هو الفقيه جعفر بن إدريس الكتاني، وأخوه هو الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني، مؤسس الطريقة الكتانية الأحمدية.
أخذ في صغره العلوم الشرعية من حديث وفقه وتفسير وتصوف. وعندما اشتد عوده جلس هو نفسه للتدريس في مقر الزاوية، كما انتقل إلى المشرق، عالما ومتلقيا، فتجاوز صيته حدود بلاده المغرب إلى المشرق حيث كان شهرته أكثر. وصفه، وهو ما يزال شابا في مقتبل العمر، الفقيه الشامي يوسف النبهاني بأنه «رجل كثير الفضل والأدب، عارف بالحديث والعلوم النافعة، نير الظاهر والباطن، جميل الصورة والسيرة، في سن إحدى وعشرين، لكن أعطي من الفضل والكمال، والقبول والإقبال، ما لم يعطه كثير من المعمرين».
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 20 من مجلتكم «زمان»
رحمه الله رحمة واسعة وألحقنا به علي خير