يواصل عبد الوهاب رفيقي إثارة الجدل، حتى وسط إخوانه الذين شاركهم نفس القناعات، وصلت إلى حد طرده من رابطة علماء المغرب العربي، بل منهم من أباح دمه. وكان رفيقي قد أدين بالسجن، ومن داخله قام بمراجعات وتمرد على ما وصفها بـ”الطائفة المنصورة”. في هذا الحوار، يتحدث عبد الوهاب رفيقي، المعروف إعلاميا بلقب “أبو حفص”، كشاهد على حيثيات وسياق ميلاد الحركة الجهادية المغربية، وقبلها نشأة التيار السلفي المغربي كوافد غريب على البيئة المغربية بتشجيع شبه مباشر من الدولة.
ماهي العناصر التي ساهمت في تكوين شخصية “أبو حفص”؟
كانت البيئة، التي ولدت فيها، محافظة، رغم أن هذه البيئة كانت في البداية صوفية إلى حدود سنواتي السبع تقريبا، حيث أن والدي كان متأثرا بالشيخ حمزة أحد رموز السلفية في الدار البيضاء، لكنها فترة تبقى محدودة جدا، حيث سيعود والدي بعد ذهابه إلى الحج متأثرا بالجو العام الذي كان يخيم عليه المناخ الوهابي السلفي. إذن، فقد عشت في صغري في الوسط السلفي، وبحكم أن والدي كان شخصا اجتماعيا، فقد ربط علاقات بشيوخ هذا التيار في المغرب وعلى رأسهم الدكتور تقي الدين الهلالي الذي كان ممرضه الخاص، وقد امتدت هذه العلاقة إلى تلاميذ الهلالي، أذكر من بينهم القاضي برهون وإدريس الجاي وزحل. في ذلك الوقت، لم يكن هناك فصل بين الحركة الإخوانية والسلفية، بل إن رموز هذا التيار السلفي المغربي، كالشيخ زحل مثلا، كانوا منتمين إلى جناح المعلمين في الشبيبة الإسلامية، وبالتالي فإنني كنت في خضم هذا الجو الموسوم بالتأثر بتيار الصحوة الإسلامية. أتذكر أن والدي أخذني إلى مصر لزيارة الشيخ عبد الحميد كشك وحضرت رفقته ثلاثة خطب شهيرة. كان والدي يتوفر على مكتبة تجمع معظم أشرطة كشك رغم أنها كانت ممنوعة في المغرب. كما كان والدي حريصا على أن أكون حافظا لكتاب لله بالطريقة التقليدية، وكان يطوف بي حول عدد من الكتاتيب القرآنية، إذ أخذني إلى دوار تابع لأكدز وعشت مدة هناك، ثم إلى فاس التي عشت فيها سنوات.
ثم جاء مناخ التأثر بما عرف في الوسط الإسلامي بـ”القضية الأفغانية”…
في ذلك الوقت، لم يكن هناك أي فرق بين التيارات الإسلامية في الذهاب إلى أفغانستان وعدالة هذه القضية من حيث المبدأ… أتذكر أن ما أيقظ في نفسي حب التيارات الجهادية هي المهرجانات الخطابية التي كان يخطب فيها عدد من رموز التيار الإسلامي الموجود اليوم في الحكم، الذي كان ممثلا في الجماعة الإسلامية، ومن بينهم عبد الإله ابن كيران، والمقرئ أبو زيد. وقد كانت خطبهم حول وجوب دعم القضية الأفغانية رنانة وحماسية. ثم جاءت مرحلة ذهاب والدي الى افغانستان بطلب من عبد الكريم الخطيب الذي كان رئيسا لجمعية الدفاع عن الجهاد الأفغاني. فقد التمس منه أن يأخذ عددا من المستلزمات الطبية، ويقوم بزيارة قصيرة لا تتعدى شهرين أو ثلاثة أشهر. وحين عاد، بدا عليه تأثر واضح، ثم قرر العودة إلى أفغانستان، وهناك مكث ثلاث سنوات كاملة، ثم طلب مني الالتحاق به، وكان عمري حينها لا يتجاوز 15 سنة.
حاروه عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 43 من مجلتكم «زمان»