كان غريغوري لازاريف من بين مهندسي كتابة الشق المتعلق بالإصلاح الزراعي ضمن “المخطط الخماسي” الذي اقترحه عبد الرحيم بوعبيد لإعادة هيكلة النظام الاقتصادي المغربي وتحقيق استقلاله من التبعية للخارج. لازاريف، صديق بول باسكون وكاتب النسخة الأخيرة لمشروع “الإصلاح الزراعي” الذي تحول إلى “الإصلاح الفلاحي”، يعود في هذا الحوار الذي خص به “مجلة زمان” إلى مساهمته في هذا المشروع والتعديلات التي اقترحها ولي العهد الأمير مولاي الحسن على الصيغة النهائية له، وإلى وضعية قطاع الزراعة في المغرب أثناء وبعد الحماية.
حدثنا عن بداية مسارك المهني؟
سؤالك يعيدني ببهجة كبيرة إلى عقود مضت، وأنا شاب زاولت بعض الأعمال بالتزامن مع استمراري في الدراسة الجامعية. في هذه المرحلة الجامعية كان لدي فضول فكري كبير. وهكذا انتقلت من الأنطولوجيا في “متحف الإنسان” إلى الجغرافيا في السوربون، وصولا إلى دراسة علم الاجتماع والاقتصاد. الحظ والصدفة جعلاني ألتقي مع أستاذ في “متحف الإنسان” عرفني على الرجل الذي اقترح على المغرب إعادة التخطيط لقطاعه الزراعي خارج النمط الكولونيالي. في ذلك الوقت، لم يكن هناك مختصون في المجال. لذلك، أخذ هذا الشخص على عاتقه مهمة إقناع مجموعة من الشباب للتعاون معه في مشروعه، وكنت من بين هؤلاء إلى جانب بول باسكون وآخرين. صحيح أننا كنا، حينها، مجرد طلبة، لكننا لم نكن نمثل النمط البيروقراطي الفرنسي الذي كان متحكما في الإدارة المغربية الوليدة، وهو ما جاء بي إلى المغرب الذي أقمت به لسنوات طويلة.
كيف كان وضع القطاع الزراعي في المغرب خلال فترة الحماية؟ وما هي السياسات التي اتبعها الفرنسيون في هذا المجال؟
حينما شرعت في إلقاء النظرة الأولى على قطاع الزراعة المغربي في بداية الاستقلال، كان لا بد لي من محاولة فهم ما حدث في الماضي. كان من الواضح أن سياسات السلطات الفرنسية كانت سياسة استعمارية بحتة، تقوم على استغلال الأراضي الفلاحية، وتفضيل المستوطنين الفرنسيين، من خلال منحهم كل المزايا. لم يكن مشروعهم السياسي، في جوهره، مختلفا عن مشروعهم الاستعماري في الجزائر، لكن في المغرب لم يكن بإمكانهم الذهاب بعيدا جدا نظرا لسياسة ليوطي الذي حاول -رغم أنه لم ينجح كثيرا- وضع حد لاحتكار الأراضي من طرف المعمرين. لكن في نهاية المطاف، استطاع اللوبي الاستعماري فرض وجهة نظره على المقيم العام.
حاوره عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 52 من مجلتكم «زمان»