ما الذي يقع بالضبط بين فرنسا والمغرب؟ وما هي أسباب هذه الأزمة الدبلوماسية الصامتة مع شريك وصديق تاريخي؟ هنا بعض التوضيحات، وبعض الإجابات التي قدمتها لنا السفيرة الفرنسية.
من طبيعة العلاقات بين الدول أن تمر عليهم فترات يعتريها الفتور والجفاء .ينطبق الأمر كذلك على المغرب وفرنسا. لكن قد يختلف الأمر في هذه المرة، ففرنسا بالنسبة للمغرب، «ليست كباقي الدول»، وهي «صديق تاريخي» .الآن يمر البلدان، ولحد كتابة هذه السطور، بفترة جفاء دبلوماسي وتوتر غير واضح الملامح .لكن بعض الأحداث الأخيرة كشفت عن ملامح تلك الأزمة.
استشعر المغاربة وجود أزمة حقيقية بين البلدين، بعدما رفضت فرنسا طلبات التأشيرة لعدد كبير من المواطنين، بشكل لم يسبق له مثيل. وبحسب الأرقام الرسمية، فإن قبول الطلبات انخفض بأكثر من 50 بالمائة بالمقارنة مع السنوات الماضية.
هذه الأزمة، بالتحديد أزمة التأشيرة، تربطها بعض التقارير الإعلامية بما زعمته باريس أن دول شمال إفريقيا الثلاثة رفضت طلب الاتحاد الأوربي بإعادة مهاجرين غير شرعيين ترغب فرنسا في ترحيلهم، مما حدا بالأخيرة، ومنذ شتنبر 2021 إلى التصعيد ونهج سياسة و«ليّ الذراع» عبر تأشيرات الدخول.
من جهته، أضحى المغرب يؤسس علاقاته وصداقته مع الدول بمدى تعاملها مع قضية الصحراء المغربية. إذ جاء خطاب الملك يوم 20 غشت 2022 مؤكدا أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات .يضيف الملك: «لذا، ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل». الحديث، وإن كان يهم «دولا من مختلف القارات»، إلا أن المراقبين يعتبرونه، بالنظر إلى توقيته، موجها بالأساس إلى فرنسا.
بعد هذا الخطاب بأيام قليلة، توجه الرئيس الفرنسي ماكرون في زيارة رسمية إلى الجزائر، ثم وعد بشكل “ارتجالي“ بزيارة موالية ومرتقبة إلى المغرب .لكن وبعد أسابيع قليلة، استقبل البرلمان الفرنسي بعض القيادات من جبهة البوليساريو، مما زاد من حدة “الأزمة الصامتة“، واستنفر الرباط وإن لم تصدر منها بلاغات رسمية (مثلما حدث في حالة تونس) .ما الذي يستنتج من هذه الأحداث؟ أو لنقل بصريح العبارة: ما موقف فرنسا من قضية الصحراء؟ تجيبنا سفيرة فرنسا “هيلين لوغال“، في حوار حصري مع مجلة “زمان” (النسخة الفرنسية لشهر أكتوبر)، أن بلادها تتبع الخط الذي رسمته قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وذلك «لتحقيق حل عادل ودائم يقبله الجميع» .تقول السفيرة: «نقدم دعمنا الكامل لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك لبعثة الأمم المتحدة المينورسو، لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية» .وتؤكد في الجواب نفسه «أن فرنسا تعتبر اقتراح المغرب القاضي بمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية سنة 2007 يشكل قاعدة جدية وذا مصداقية لإيجاد حل سياسي تفاوضي».