جهر فقهاء، وإن كانوا قلة، بمعارضتهم للتدبير المالي لسلاطين بني مرين ولرجالات دولتهم أيضا، لكن دون أن تصل تلك المعارضة إلى التصادم، لأن كل واحد يحتاج للآخر.
عندما نتناول موضوع فقهاء عارضوا التدبير المالي للسلاطين المرينيين ورجال دولتهم، فإننا ضمنيا نتحدث عن قلة قليلة من الفقهاء امتلكوا جرأة على توجيه خطاب مباشر للمعنيين دون مواربة، وهؤلاء القلة هم من تنعتهم المصادر، خاصة كتب التراجم، بـ”الصلباء في الحق”، «الذين لا تأخذهم في لله لومة لائم»، و«لا يبالون بأهل الدنيا ولا يَعُدُّوهُم شيئا»، وما شابهها من صيغ.
أسس التعارض بين الفقيه والسلطان
ارتكز الفقهاء، الذين عارضوا سياسات السلاطين عموما ومنها سياستهم المالية، على إطار مرجعي نظري حكم علاقتهم بالسلاطين. فقد ترسخ في ذهنية الفقيه اعتقاد راسخ بسموه ورفعته عن باقي مكونات المجتمع انطلاقا من آيات قرآنية وأحاديث نبوية، شَكَّلَت قسما من ذهنيته إزاء السلطان والسلطة، فقد عمل على ترويجها لترسيخ فكرة الإعلاء من شأن العلم والعلماء (علماء الشريعة) من قبيل: «العالم في قومه كالنبي في أمته»، و«العلماء ورثة الأنبياء»، أو «لا درجة بعد الأنبياء إلا العلماء» وغيرها من الأقوال المماثلة التي استبطنها الفقيه، وروج لها، بلغت حد إيمانه أن لله جعله في درجة ثانية بعد ملائكته، وفي مرتبة ثالثة بعده من حيث الشهادة.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 83 من مجلتكم «زمان»