هناك من المغاربة اليهود من اعتنق الإسلام طوعا، وهناك من دخله كرها. لكن ذلك لم يشفع لعدد منهم وسط مجتمع مسلم متشدد.
حين وصل الفتح الإسلامي إلى المغرب، كان سكانه يتوزعون مذاهبا وشيعا، كما كان منهم أصحاب الديانات السماوية، ثم بدؤوا يدخلون في دين لله أفواجا وفرادى. ومع ذلك، تميزت المرحلة الأولى من الفتح الإسلامي بدرجة كبيرة من التسامح أتاح لأصحاب الديانات السماوية الأخرى أن يحتفظوا بمعتقداتهم ويمارسوا شعائر دينهم بحرية، لم تكن دائما متوفرة في المجتمعات الغربية. بمعنى أن اليهود والمسيحيين كانوا يعيشون جنبا إلى جنب المسلمين. ومع وصول الموحدين، الذين أقاموا دولتهم على العصبية القبلية والدعوة الدينية، بدأت مبادئ الإسلام السمحة تتوارى إلى الخلف، وتحل محلها سياسة الإقصاء والاضطهاد ضد من استظلوا بحماية المجتمع الإسلامي. في أواسط القرن الثاني عشر، أصدر الخلفية الموحدي عبد المومن مرسوما يقضي بألا يبقى في أرض الدولة إلا من هو موحدي، وهنا اعتنق كل اليهود ظاهريا الإسلام. وبعيد اكتشاف قبر إدريس الثاني أصبح المجال “حرم” نتج عنه منع غير المسلمين من دخوله، أي تحريم المجال والذي لم يكن إلا قيسارية فاس، وبهذا تم منع اليهود -عمليا- من ولوجها وحرمانهم من الكسب، وهو ما أدى إلى إسلام الكثير منهم. فيما اضطر الآخرون الذين تشبثوا بدينهم الذي شبوا عليه إلى الابتعاد والسكن في أحياء منعزلة، «وهذا أمر لم يعهده المغرب إلا مطلع العصر الحديث في حدود سنة 1438 للميلاد»، كما يذكر أمين الكوهن، أستاذ التاريخ بكلية ابن مسيك في الدار البيضاء. تقرؤون في الملف، الذي تقترحه عليكم مجلة “زمان”، عن الظروف التي اعتنق فيها المغاربة اليهود الإسلام، وإلى طبيعة العلاقات التي ربطتهم بمواطنيهم المسلمين، وإلى موقف بعض السلاطين والفقهاء من أولئك المسلمين الجدد.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 58-59 من مجلتكم «زمان»