حاول البرغواطيون أقلمة الإسلام مع المعتقدات الثقافية والدينية للأمازيغ بالمغرب، من خلال ترجمة القرآن إلى الأمازيغية وإقامة صلادة جماعية يوم الخميس بدل الجمعة.
ما يزال تاريخ البرغواطيين غير واضح المعالم، وما يزال محل سجال واسع بين المؤرخين. ولا تحتفظ الذاكرة الجماعية إلا بما كتبه الإخباريون العرب الذين قدموا البرغواطيين على أنهم قبائل عاشت لقرون تحت تأثير بدع رجل كافر. والنصان اللذان يتحدثان عن نتف من حياة البرغواطيين، لم يكتبا إلا في القرنين العاشر والحادي عشر الميلادي، فيما تأسست الإمارة التي كانت تضم تلك القبائل قبيل النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي.
كتب النص الأول ابن الحوقل، بينما كتب الثاني البكري، وكلاهما، وخاصة النص الثاني، يغذي ذلك الطرح الذي يقول إن البرغواطيين كانوا قوما أمازيغ، وظلوا جيلا بعد جيل خارج المذهب السني. لم يعتمد البكري، في طرحة، على وثائق مكتوبة وموثوقة ومادية، بل كان عمله نتيجة ما تناقلته الألسن عن أحداث تعود لقرون. وكان مصدره الوحيد شخصا يحمل اسم زمور، وقدمه على أنه كان مبعوثا من البرغواطيين إلى خليفة أندلسي، استعرض أمامه حياة وتنظيم قومه السياسي والاجتماعي.
«نبي» جديد؟
لفهم تاريخ البرغواطيين، يجب العودة إلى زمن الفتوحات بالمغرب. فأثناء الحملات العربية الأولى، اعتنق زعيم قبائل زناتة وزواغة، الذي كان يدعى طريف، دين الإسلام. ومثل عدد كبير من الأمازيغ، انتفض طريف ضد تعسف واستبداد الولاة العرب، وقد يكون أسهم في الثورة الأمازيغية الكبرى ضد العرب، التي تزعمها ميسرة المطغري، في عام 122هـ/ 740م. في تلك الأثناء، كان صالح بن طريف، المؤسس المستقبلي لـ«دين» البرغواطيين، ما يزال طفلا ويبلغ بالكاد 11 سنة، غير أنه عايش تلك الأحداث. بعد قمع ثورة الأمازيغ من طرف الجيش الذي أرسله الخليفة، قاد طريف أتباعه للاستقرار بمنطقة تامسنا على سهول شاسعة يحدها غربا المحيط الأطلسي، فيما تختلف الروايات حول طبيعتها وحدودها في الجهات الأخرى.هناك، كان صالح يعمق معارفه باللاهوت مستندا، بالأساس، على العقيدة الإسلامية. وبعد موت والده، اختارته القبائل زعيما جديدا، بينما يورد الإخباريون، السنيون على الخصوص، بأن صالح أعلن نفسه نبيا.
يونس مسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 18 من مجلتكم «زمان»