استعمل المغاربة تقويمات مختلفة للتأريخ لأحداث وللإشارة إلى الشهور والسنوات، قبل أن يعتمدوا التقويم الهجري بعد اعتناق الإسلام.
طور الإنسان، عبر ثقافته المحلية، طرقا مختلفة لتمثيل الزمن، يأتمر به ويستقطعه على هواهم. وفي ارتباط به، يستعمل علامات ووحدات قياس لوضع يوميات والتأريخ لعصور وفترات. في المغرب الحديث، يمكن الاستئناس باليومية الشهيرة، التي كانت تصدرها “مطبعة بوعياد” في الدار البيضاء، والتي استمرت في الصدور لحوالي 60 سنة مع اقتراب حلول كل سنة ميلادية جديدة. كانت تصدر على دعامة من الورق المقوى، يمكن تعليقها على حائط البيت أو المكتب أو المتجر، وعليها حزمة من الأوراق اليومية القابلة للفصل، ويحيل كل يوم على ثلاثة تواريخ تشير إلى ثلاثة تقاويم: الهجري، الميلادي أو الإداري، وأخيرا الفلاحي. وتتضمن عددا من المعطيات العملية كأوقات الصلاة، وعددا من الطرائف كحكمة اليوم، التي أصبحت تأخذ، منذ مدة ليست قصيرة، طابعا ذا حمولة دينية خالصة. وإذا كان تبني التقويم الميلادي يرتبط بفرض الحماية الفرنسية-الإسبانية، فإن التقاليد المغربية اعتمدت التقويمين الآخرين الذين تعايشا، معا، من خلال الممارسات المجتمعية والتمثلات الثقافية.
التقويم العربي قبل الهجرة
خلافا للاعتقاد الشائع، أسس التقويم الهجري حقبة جديدة، من خلال تعديل التقويم العربي ما قبل الإسلام الذي لم يكن في الأصل قمريًا. إذ أن التسمية العربية للشهور كانت موجودة قبل قرنين من مجيء الإسلام، وكانت تحيل على فصول السنة، أو «بما يوافق المناخ والبيئة ذلك الزمان، فسموا كل شهر بما ألفوه من معاني ذلك الشهر وحالاته»، وفق رأي الأكاديمي الفلسطيني فاروق مواسي، الذي يؤكد أن أول من أدخل التاريخ الهجري هو الخليفة عمر بن الخطاب، وذلك باحتساب يوم الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، فبدأ بالمحرم لأنه شهر حرام، وبعد انصراف الناس من حجهم.
عبد الأحد السبتي
تتمة المقال تجدونها في العدد 81 من مجلتكم «زمان»