يتنوع اشتغال محمد الأشعري بين مجالات متعددة. فمنذ سنوات السبعينات، خاض تجربة العمل السياسي وتدرج في مسؤوليات حزبية ونقابية إلى أن أصبح وزيرا للثقافة في أول حكومة للتناوب بالمغرب سنة 1998. وإلى جانب تقلده مهاما ومناصب سياسية، فقد مارس الأشعري الصحافة وكتب ونشر في القصة والشعر والرواية، وتقلد كذلك مناصب ثقافية عديدة من بينها ترؤسه لاتحاد كتاب المغرب. في هذا الحوار مع مجلة “زمان”، يكشف الأشعري مسار حياته وبدايته الأولى، كما يكشف عن أهم المحطات والأزمات التي مرت بعمله النقابي وتجربته داخل قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي، على رأسها منعطف سنة 1975 وإضرابات سنة 1981، مرورا بكواليس تجربة التناوب الأول ثم التناوب التوافقي، ثم “إقالة” اليوسفي التي وصفت بـ”الخروج عن المنهجية الديمقراطية”. وإضافة لذلك، يوضح الأشعري سبب مغادرته الحزب ويحدد العوامل الأساسية التي أدت إلى الأوضاع “الكارثية” التي عصفت ودمّرته مؤخرا.
في البداية حدثنا عن نشأتك وتعليمك؟
ولدت سنة 1951 ونشأت في قرية صغيرة جدا بضاحية مولاي إدريس زرهون، وهي قرية تولدت مع قرى أخرى نتيجة هجرة جماعية من الريف في فترات تاريخية متباعدة. في مرحلة مبكرة، أنشأت الدولة مدرسة وحيدة بالمنطقة، لكنها تضم قسما واحدا فقط، هو القسم التحضيري. أخذني والدي إلى عائلتنا بمكناس من أجل إتمام دراستي، وكانت المدرسة تدعى “الحبس القديم” بالمدينة القديمة، ثم عدت إلى مولاي إدريس زرهون وبعدها انتقلت الى ثانوية مولاي إسماعيل بمدينة مكناس في المرحلة الثانوية، قبل أن أنتقل إلى مدينة الرباط سنة 1972 لدراسة الحقوق بالجامعة.
كيف تكونت علاقتك المبكرة بالأدب وبمن تأثرت؟
بمدينة مولاي إدريس زرهون وبفضل بعض المعلمين اطلعنا على مؤلفات كتاب مشرقيين بارزين، كالمنفلوطي، طه حسين والعقاد وغيرهم، وقرأت قصائد أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. وكان عدد من الأساتذة الفرنسيين مولعين بالأدب فكانوا يمدوننا ببعض الكتب. لكن قراءتي لم تتوسع إلا خلال وصولي إلى ثانوية مولاي إسماعيل، حيث انخرطت حينها في النادي الثقافي الذي كان المعهد الفرنسي يشرف عليه. هكذا، توطدت علاقتي بالأدب والسينما والموسيقى. وقد نشرت أول نص لي عبارة عن قصة صغيرة، في عمر الخامسة عشر تقريبا، بجريدة “العلم” التابعة لحزب الاستقلال.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 74 من مجلتكم «زمان»، دجنبر 2019