عرف الفضاء المغربي شارات الحكم أو الملك منذ زمن بعيد، حيث حرص الملوك المغاربة الأولون على ترسيخ حكمهم بالتميز بعدد من الشارات التي تحدد مسافة بينهم وبين محكوميهم. وقد تطورت هذه الرموز مع تعاقب الدول على حكم المغرب، فتبنت هذه الدول عددا من الرموز الدينية والعسكرية لترسيخ السيادة وتعزيز الشرعية، فما هي هذه الشارات والرموز؟ ومتى ظهرت؟ وما هي دلالاتها السياسية؟ الباحث محمد شقير يجيب عن هذه الأسئلة في حواره مع مجلة “زمان”.
في أي عصر ومع حكم أي دولة في المغرب بدأ اعتماد شارات الحكم؟ وهل كانت نقلا مباشرا من حضارات غربية أم تأثرا بالخلافة الإسلامية في المشرق؟
عرف نظام الحكم بالمغرب بتبني شارات الحكم قبيل الاحتلال الروماني للبلاد. إذ حرص الملوك المغاربة الأولون في ترسيخ حكمهم على تميزهم بمجموعة من الشارات التي تحدد تفردهم وترسم معالم المسافة التي تفصل بينهم وبين حاشيتهم من جهة وبينهم وبين رعاياهم بصفة عامة. ومن بين أهم هذه الشارات التي تميز بها هؤلاء الملوك، هو استعمالهم للأرجوان. إذ حرص الملك جوبا الثاني على ارتداء لباس أرجواني يتميز به عن مختلف المحيطين به من الحاشية متشبها في ذلك بالأباطرة الرومان وأعضاء مجلس الشيوخ الذين كانوا يتفردون بهذا اللباس والذي كان يضفي عليهم هالة من القوة والهيبة.
وقد حافظ الملك بطليموس على هذا التقليد، حيث دأب على ارتداء اللباس الملوكي الأرجواني الشيء الذي جر عليه نقمة الإمبراطور كاليكولا الذي سعى إلى اغتياله. فقد اعتبر كاليكولا أن ارتداء ملك مغربي لهذا اللباس في مجلسه ولفت الانتباه إليه يشكل تحديا سافرا لعظمة إمبراطور روما العظيمة، ونوعا من الإساءة والتنقيص من مركز هذا الإمبراطور الذي من حقه وحده أن يحتكر بريق هذه الرمزية.
بالإضافة إلى ذلك، حرص هؤلاء الملوك على التميز ببعض الشارات السياسية كوضع التاج والصولجان كرمزين للملك والسلطة. وقد أظهرت عدة نقود عثر عليها في هذه الحقبة، صور هؤلاء الملوك وهم يتسلمون شارات الملك من ممثلي روما. وفي هذا الإطار، عثر على بعض القطع النقدية سكت في سنتي 39-38 ق.م، حيث تظهر هذه القطع صورة للملك بطليموس وهو جالس على عرشه وفوق رأسه تاج وبين يديه صولجان من العاج. ولم يقتصر الملوك المغاربة القدامى على حمل هذه الشارات السياسية فقط، بل حرصوا أيضا على حمل شارات أخرى تظهر قوة حكمهم وترمز إلى عظمة سلطانهم، وذلك من خلال رسم صور بعض الحيوانات التي ترمز للقوة والبطش.
حاوره عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020