يُعتبر محمد مَسْتاوي أحد أعمدة الشعر والثقافة الأمازيغية بالمغرب، وصلة الوصل بين المؤسسين وبين المتأخرين .نقل الشعر الشفوي إلى شعر مدون محفوظ بين دفتي الكتب. ولولا جهوده وتنقلاته بين القرى وآلة التسجيل، لاندثر جزء كبير من ذاكرة الأمازيغيين .ويلقبه البعض بمحمود درويش الأمازيغ، لأن شعره ارتقى باللغة إلى مستويات حفرت وجدان كل مستمع، فتغنّت أشهر الفرق الموسيقية بكلماته وقصائده. ويصفه البعض أيضا بأنه مؤسسة لوحده، لأن إصداراته وبحوثه الغزيرة توازي ما تقوم به مؤسسات توظف عشرات الباحثين. ظل مستاوي رجلا متواضعا لا يحب الظهور وزاهدا في طلب المناصب، إلا أنه بالمقابل رجل يصدح بالحق، ويكتب بقلم حاد كل ما يراه مخالفا للصواب. يحدثنا في هذا الحوار، عن مساره الطويل والجدير بالتتبع؛ من المعهد الإسلامي بتارودانت إلى ابن يوسف إلى مسؤولياته في الحزب والنقابة مع رفاق بوعبيد والجابري ..ثم إلى مقارعة الشعر في طقوس أحواش، وإصدار ديوانه الذي كسر”القيود” في سنوات الرصاص. كما يحدثنا عن قصة اغتيال ابنه العائد من روسيا، وكذلك عن خلافه مع المعهد الملكي للأمازيغية والحرمان من دخوله، بالإضافة إلى لقائه بالملك محمد السادس وعلاقة بعزيز أخنوش وصداقة والده.
نستهل الحوار بسؤالك عن حدث إقرار يوم للسنة الأمازيغية في المغرب وجعله عطلة رسمية. ما رأيك بهذا القرار كمشتغل في الحقل الأمازيغي منذ عقود؟
أولا أهنئ الذين طالما سعوا لإقرار هذا اليوم يوما وطنيا، كما أرحب بالقرار لأنه أمر بَدَهي ما دام الدستور يعترف بالأمازيغية .لكن بالمقابل، أنا أؤمن بأن الأمازيغية تسير في الطريق الصحيح إذا كانت المكتبات والأكشاك مليئة بكتب حول الأمازيغية .لذا من الصعب أن نضع عناوين كبرى ولا ننظر ماذا يوجد تحتها. إني أتساءل بتخوف: هل المغاربة مؤمنون بهذا القرار ومقتنعون به؟ وهل المسؤولون والجمعيات وكل الموكل لهم شأن الأمازيغية، قادرون على مواكبة هذا التقدم؟ ربما تكون الدولة قامت بما عليها. لكن ماذا فعلنا وماذا سنفعل لنكون في المستوى المطلوب؟
وما الذي نحتاجه في نظرك لمواكبة هذا الإقرار الرسمي؟
من مجال اشتغالي واهتمامي الطويل، فإن الأمر يحتاج إلى نهوض حقيقي بمجال الكتابة والتدوين والتأليف والقراءة. كما نحتاج إلى اعتراف جديد ومجهود من طرف المجتمع المدني، لأن الأمازيغية تعرف تراجعا مشهودا، وليست وحدها بل حتى اللغة العربية التي صارت لغة المنابر والمقابر، وبالتالي أضحت اللغتان أكلة سائغة أمام اللغات الأجنبية. أنا أؤيد بشدة إقرار السنة الأمازيغية، لكنني أطلب من الأمازيغيين والمهتمين بالبحث والثقافة، أن يبذلوا مجهودا كبيرا ليكونوا في مستوى هذا الاعتراف وألا يكونوا أصغر منه.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 116 من مجلتكم «زمان»