يؤمن الباحثون أن أفكار بول باسكون ما تزال ذات راهنية، وذلك لأنها سبرت أغوار المجتمع المغربي. “زمان” تعرض أفكار رائد السوسيولوجيا، في ما يتعلق بالأساطير والمعتقدات التي آمن بها المغاربة. والتي تؤثر بدون شك في طريقة “معالجتهم” حتى للأزمات الصحية أو الجائحات عبر القرون والحقب.
اشتغل عالم الاجتماع بول باسكون (1985-1932)، عبر أبحاثه ودراساته، على تحليل بنية المجتمع المغربي في العالم القروي والحضري، فانتهى إلى استخلاص أنه مجتمع مركب تتصارع داخله مجموعة من التنظيمات وتتعايش بينها، وهو ما يجعل الفرد، بسلوكياته المختلفة، ينتمي لعدة مجتمعات في نفس الوقت. وقف بول باسكون على العديد من هذه التداخلات والاختلافات، وضرب لذلك أمثلة توضح سلوكيات الفرد داخل المجتمع. من بينها: الاعتقاد والإيمان بالأساطير في ظل عجلة التقدم والعلم وما يتجه إليه المغرب الحديث.
بحسب دراسة باسكون، التي نشرت سنة 1981 حول المعتدات والأساطير، فإن المغاربة يعيشون في ظل العديد من أنساق الاعتقاد، أبرزها: مجموعة متنافرة من الممارسات الطقوسية السابقة على التوحيد، ودين منزل هو الإسلام، ثم احترام للعلم الحديث. هذه الأنساق الثلاثة والعوالم المفهومية، يشبهها باسكون بقوس أو قبة، ما أن ينقص أحد أطرافها، حتى يتهاوى الكل أو يمسي مكسورا من دون فعالية.
يقول: «ورغم أن الدين المنزل، المشروع والشرعي، هو المحك الأخير لكل معتقد ابتداعي في الظاهر أو لكل تجديد عصري، وهو تفسيره وإطاره، يبقى من الضروري أن نذكر بالخلفية الأكثر إظلاما وغموضا وإلغازا، وهي ما يتعلق بالمعتقدات والأساطير»، والتي وفق باسكون «تتعايش مع القرآن والعلم الحديث». إن الأساطير والمعتقدات، التي تنعش باستمرار في علاقة نسق الآخر، تتآكل، ثم تولد من جديد، وتتحول، مستعيرة من كل عالم شكل العقلانية والعجيب والحساسية الخاص به، ونمطه في التدليل.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 79 من مجلتكم «زمان»