شكل موقع المغرب الاستراتيجي مجال صراع بين كل من فرنسا وألمانيا. ولم يقتصر ذلك الصراع على المواجهات الدبلوماسية والعسكرية المباشرة، بل فجر حرب جاسوسية استمرت طويلا.
ليس أوضح في بيان خطورة الصراع الفرنسي الألماني على مسار العلاقات الدولية خلال النصف الأول من القرن العشرين، من استحضار تداعيات هذا الصراع وثقله في التمهيد لاندلاع حربين عالميتين. قد لا يكون من الضروري التذكير، هنا، بنتائجهما البشرية والعسكرية والسياسية. بيد أننا نفضل التذكير أن خيوط الصراع الفرنسي الألماني، لم تظل حبيسة الساحة الأوربية بكل تجاذبتاها، بل امتدت إلى مواقع أخرى من دول العالم. وإذا كان لنا أن نكون أكثر تحديدا، فإن الساحة المغربية تطغى على سطح الأحداث بين البلدين خلال الفترة ما بين 1905-1944، كمجال للاستقطاب أولا، والمناورة ثانيا، والهيمنة ثالثا.
تجسس وتجسس مضاد
أدركت كل من فرنسا وألمانيا قيمة وأهمية موقع المغرب الاستراتيجي كبوابة لولوج القارة الإفريقية، وكجسر لا مناص منه لأوربا، في التأثير على صراعهما من أجل إثبات قوة كل طرف على حساب الآخر. ودراسة هذا التأثير، تصبح ذات أولوية لفهم مكانة المغرب كمركز جذب لقوى متنافرة من جهة، وأرضية لتوطين مظاهر هذا الصراع من جهة أخرى. يقود البحث في خريطة الصراع الفرنسي الألماني، في إحدى تشعباتها، إلى الحديث عن بعض أساليب التجسس والتجسس المضاد بين البلدين، كمظهر آخر «خفي» في صراع ظاهر. من هذا المنطلق، تصبح عملية تسليط الضوء على هذا الجانب «الخفي» ذات أهمية، في محاولة، لاستكمال الصورة الناقصة لمظاهر المواجهة الفرنسية الألمانية، بأبعادها السياسية والعسكرية، والاستخباراتية أساسا.
منعم بوعملات
تتمة المقال تجدونها في العدد 40 من مجلتكم «زمان»