أثار إعلان السلطات الجزائرية بداية إنجاز الدراسات الميدانية لاستغلال منجم للحديد في غار جبيلات تساؤلات في المغرب، خاصة أن المنجم كان موضع اتفاقية وقعتها الرباط والجزائر في عام ،1972 نصت على تأسيس شركة جزائرية-مغربية لاستغلال الحديد وتسويقه عبر ميناء طرفاية. هنا عودة إلى سياقات تلك الاتفاقية والتي يمكن أن يؤدي إلغاؤها من طرف واحد إلى تصعيد جديد.
جدل ساخن بين المغرب والجزائر، أثاره إعلان الجزائر عن بدء إنجاز خط سكة حديدية يربط بين منجم غار جبيلات وولاية بشار، من أجل تسهيل استغلال المنجم والذي يمكن أن تصل طاقته الإنتاجية من أربعين إلى خمسين مليون طن سنويا، وهو ما يعني تفرد الجزائر باستغلال المنجم، على خلاف ما نصت عليه اتفاقية 1972 من ضرورة الاستغلال المشترك، حسب ما يذهب إليه عدد من المؤرخين والباحثين المغاربة. وكانت الجزائر قد أعلنت السنة الماضية انطلاق الأشغال بالمنجم، ثم وقعت هذه السنة عددا من الاتفاقيات مع شركات من تركيا والصين، سواء من أجل إعداد الدراسات اللازمة، أو من خلال عمليات الربط الكهربائي والسككي، وحفر بعض الآبار والتنقيب عن الماء، وهو ما أعاد الحديث عن الاتفاقية التي وقعها المغرب والجزائر سنة 1972 من أجل الاستغلال المشترك للمنجم، رغم أن هذا الأمر لم يعرف طريقه إلى التنفيذ منذ السنوات الأولى لتوقيع الاتفاقية. فما قصة الاتفاقية الموقعة بين البلدين سنة 1972؟ وما أبرز محطات تفعيلها وتنزيلها على الواقع؟ وأين يقع منجم غار جبيلات وما أهميته؟ وعلام نصت الاتفاقية بخصوصه؟ ولماذا يرى المغاربة أن الجزائر قد نقضت واحدا من شروط الاتفاقية؟ وما هي الرواية الأخرى للقصة؟
بعد التوتر الذي عرفته العلاقات المغربية الجزائرية بعد استقلال البلدين، واندلاع حرب الرمال سنة 1963 على عهد الملك الحسن الثاني والرئيس أحمد بنبلة، شهدت العلاقة تحسنا كبيرا بعد الانقلاب الذي قاده هواري بومدين سنة 1965، وتبادل الرجلان الزيارة مرارا لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يوقعا يوم 15 يناير 1969 معاهدة إفران، والتي سميت بـ«معاهدة الأخوة وحسن الجوار والتعاون بين المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية»، وكان من أبرز بنودها تعهد الطرفين بعدم الانخراط في أي حلف أو تحالف موجه ضد أحدهما، كما نصت المعاهدة على أن مفعولها يمتد لعشرين سنة، وأنها تجدد تلقائيا لمدة عشرين سنة أخرى، ما لم يصدر عن أحد الطرفين المتعاقدين إشعار كتابي إلى الطرف الآخر بالرغبة في إلغائها.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 116 من مجلتكم «زمان»