لطالما ادعت السلطات الفرنسية منذ فرضها سياسة الحماية أنها تبتغي الإصلاح للمغرب. وفي كل مرة، يدعي مقيمها العام أنه يتبنى إصلاحات ومبادرات تخدم البلدين، إلا أنها تظل ادعاءات لا تستجيب لما يخدم المغاربة ويحقق مطلبهم بالانعتاق من ربقة الاستعمار. لكن وبالرغم من ذلك، يرى بعض المؤرخين أن الوطنيين المغاربة، في سنوات الأربعينات، “أهدروا” فرصة تاريخية لتحسين أوضاعهم السياسية والاقتصادية. فما هي سياقات هذه “الفرصة الاستثنائية”؟ وما سبب إهمالها وعدم تبنيها؟
منذ أن مسك هوبير ليوطي، أول مقيم عام بالمغرب، بزمام الأمور والسلطة، ظل يردد أنه يسعى لإصلاح الأوضاع عبر تنفيذ بنود معاهدة الحماية. وبحسب ما تورده المصادر التاريخية، فإنه كان يدعي «أن أي إصلاح لا بد أن يقع في دائرة الاحترام الكامل لتقاليد البلاد ودينها، وأن احترام حقوق الملك أمر لازم»، وهو أمر اعترف به السلطان مولاي يوسف بنفسه امتنانا لذلك المقيم. لم تكتمل “إصلاحات” ليوطي أو بالأحرى أزيل من منصبه في سنة 1925. وبمجيء كل الذين خلفوه، ادعوا أيضا «المضي في سبيل الإصلاح».
مع مستهل الثلاثينات، نضجت الحركة الوطنية وأسست أركانها السياسية والفكرية، فتبنت فكرة الإصلاح مقابل مطلب الاستقلال. حينها، وبالتحديد في سنة 1934، رفعت كتلة العمل الوطني إلى السلطان محمد الخامس وإلى الحكومة الفرنسية والمقيم العام بالرباط، مجموعة من المطالب الرامية إلى الإصلاح في عدة مجالات. لكنها ظلت حبرا على ورق في نظر الوطنيين على مدى السنوات اللاحقة.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 77 من مجلتكم «زمان»، مارس 2020