هل حمى المغرب، حقا، يهوده من التشريعات العنصرية التي سنتها حكومة فيشي أم أن الاعتقاد واسع الانتشار بوقوف سلطان المغرب في وجه الإقامة العامة أمر مبالغ فيه؟ عودة إلى حقبة استمرت ثلاث سنوات، وكانت حياة يهود المغرب فيها على المحك، لولا تقلب موازين الحرب وانتصار الحلفاء.
حمل يوم 31 مارس 1943 خبرا سارا لليهود المغاربة. فبعد ثلاث سنوات من المعاناة في ظل تشريعات حكومة فيشي المعادية لليهود، جاء الفرج أخيرا في شكل ظهير للسلطان محمد بن يوسف، يعلن القطيعة نهائيا مع هذه التشريعات العنصرية. استعاد اليهود وظائفهم التي طردوا منها، وأصبح بإمكانهم ولوج مهن جرى حظرها عليهم، واسترجعوا أملاكهم المصادرة، وبات بإمكانهم الاستقرار أينما شاؤوا بعدما كانت سلطات الحماية أصدرت قانونا يرغمهم على التجمع في الملاحات، وعاد أبناؤهم إلى المدارس. ورغم الاعتقاد السائد في أوساط المغاربة بأن السلطان محمد بن يوسف تمكن من حماية يهود مملكته، عندما وقف في وجه المقيم العام شارل نوغيس، إلا أنه يجب في الواقع إرجاع الأمر إلى أبعاده الحقيقة. فالسلطان لم ينجح سوى في التخفيف من آثار القوانين المعادية لليهود التي تم سنها في فرنسا وجرى تطبيقها في المغرب بصيغة مهذبة. ويتعلق الأمر أساسا بقانوني 3 أكتوبر 1940 و2 يونيو 1941 الذين كانا موضوع مفاوضات عسيرة بين الإقامة والسلطان.
قانونان ضد اليهود
دخلت القوات الألمانية باريس في 14 يونيو 1940. وبعد أيام قليلة، وقع فيليب بيتان بطل فرنسا الأول في الحرب العظمى 1914-1918 هدنة الاستسلام مع ألمانيا. بهذا التوقيع، ولأربع سنوات، وضعت فرنسا سياستها على خط الإيديولوجية الألمانية النازية، مسجلة نفسها ضمن قائمة الدول التي سنت تشريعات معادية لليهود.
خالد الغالي
التتمة في العدد 13 من «زمان»