بني صهريج المنارة، أول مرة، لتخزين المياه وتوفيرها في الصيف، كما وظف لتدريب الجند على السباحة. ومنذئذ، أصبح محجا للمراكشيين للترفيه والمتعة.
يعد مناخ مراكش من المناخات المتوسطية القارية الجافة والحارة، حيث ترتفع درجة الحرارة صيفا، وتنخفض شتاء، كما أن التساقطات قليلة وغير منتظمة، مع هبوب رياح الشرﯖـي التي تزيد من حدة الجفاف الذي يؤثر بشكل كبير على الغطاء النباتي. هذه الظروف المناخية القاسية فرضت نوعا من السلوكيات في تدبير وترشيد الموارد المائية، كمادة حيوية في مجال أقيمت عليه عاصمة سياسة منذ زمن المرابطين إلى العصر العلوي.
تتشكل الموارد المائية لمراكش، تبعا لذلك، من مياه سطحية وأخرى جوفية، فالأولى يجود بها الجبل، وهي مهمة جدا، وتحيل على مدى إسهام الأطلس الكبير الغربي في الحياة الحضرية وفي الأنشطة البشرية لمجال مراكش. أما الثانية، فتتأتى عن طريق تقنية ما يعرف بـ”الخطارات”، وهي عبارة عن نظام لنقل المياه الجوفية بشكل جاذبي عبر أروقة تحت أرضية تمتد لعدة كيلومترات، لتخرج في الأخير على شكل سواقي سطحية. حاول الإنسان المراكشي، في ظل هذه الظروف المطبوعة بندرة الماء، تأمين حاجيات المدينة منه، والسعي لتحقيق التوازن بين الطلب والإمكانيات المتوفرة وذلك باستثمار بعض التقنيات، وإقامة العديد من المنشآت المعمارية المائية، واستعمالها في عمليات النقل عبر مسافات طويلة، والحرص على تجميع كميات كبيرة منها، والقيام بتخزين ما فَضُل منها للأيام العصيبة، وإعادة توزيع ذلك بشكل مضبوط.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 52 من مجلتكم «زمان»