في الخامس والعشرين من يوليوز من سنة 1957، كان القصر الملكي في المغرب يعيش حالة من القلق. ففي تونس أعلن رئيس الحكومة الحبيب بورقيبة بشكل مفاجئ ومن دون احترام القواعد القانونية عن إلغاء النظام الملكي وتعويضه بالجمهوري.
ياله من أمر صادم بالنسبة إلى العرش. فبين العائلة الحسينية والعائلة العلوية نقاط تشابه والتقاء كثيرة، إذ لهما تقريبا نفس العمر، ذلك أن العلويين يحكمون فاس ومكناس والرباط منذ سنة 1666، فيما حكم الحسينيون تونس منذ سنة 1705. كما أن النظامين معا عرفا في تاريخهما عددا ممن تعاونوا مع الاستعمار، وآخرين قاوموه كما هو الحال بالنسبة إلى محمد الخامس في الحالة المغربية، ومنصف باي في الحالة التونسية. شرع المؤيدون للملكية في الرباط بعقد مقارنات مجنونة والتعبير عن تخوفاتهم: ما الذي سيجعلنا نكون متأكدين من أن المهدي بن بركة أو علال الفاسي لن يقوما غدا أو بعد غد بنفس الشيء؟. بل إن بعضهم نقل عن علال الفاسي من دون أي دليل قوله في يوم من الأيام: «نحن الوطنيين لن نترك للملك إلا تدشين الجوامع». فيما كان آخرون يذكرون بأن المهدي بن بركة رئيس المجلس الوطني الاستشاري كان قد علق -بحسب روايتهم- على سقوط صورة للملك بسبب عدم تثبيتها بشكل جيد: «ليس الآن، على كل حال»، مستحضرين مرة أخرى أن بورقيبة كان أيضا رئيسا للمجلس القومي التأسيسي. وأن بن بركة كان يستعمل، بحنكة، تشابه التعبيرين الممزوجة فرنسيتهما بالعربية.
وكان هؤلاء الملكيون أكثر من الملك يردون على من يواجههم بعدم صواب تخوفاتهم -على اعتبار وطنية الملكية المغربية وشعبيتها وبالتالي استحالة أن تكون مهددة بهذه الميولات الجمهورية- بأن الملك التونسي منصف باي الذي نفي هو الآخر من طرف فرنسا مثل محمد الخامس كان هو الآخر مؤيدا للحركة الوطنية، ولم يشفع له ذلك إذ قام الدستوريون (المقابل لحزب الاستقلال في المغرب) بإسقاط الملكية دون احترام ما صوتوا عليه هم أنفسهم في السنة السابقة. وهو الأمر الذي لم يكن ليطمئن القصر في المغرب.
المعطي منجيب
تتمة المقال تجدونها في العدد 58-59 من مجلتكم «زمان»