يعد سليم لهلالي إحدى أيقونات الموسيقى الأندلسية والشعبية، هو صاحب خامة نادرة وحنجرة ذهبية صدحت في كبار المسارح العالمية .لهلالي، أيضا، هو أحد الشخصيات الفنية التي ما يزال المغاربة والبيضاويون، على وجه الخصوص، يتذكرون الروائع من أغانيه.
لطالما تساءل الناس من أين أتى هذا الصوت؟ اعتقد كثيرون أنه مغربي، لكنه جزائري يهودي، أحب المغرب، وفن العيش المغربي، كل شيء جذبه في هذا البلد لدرجة انصهاره حد التماهي مع الناس والأجواء، حيث كون صداقات مع مغاربة يهود ومسلمين طيلة سنوات عيشه في المملكة .كان للهلالي طريقته السحرية في جعل الجمهور يصاب بـ“الحمى“ من خلال موال فقط ! يصعب بالتدقيق وصف صوته، وأي كلمات تستطيع وصف هذا الصوت البركاني الفذ، وكأنه آلة موسيقية، لكنه في الوقت نفسه ليس آلة موسيقية، إنه صوت إنسان، تغنى بالحب وسخره لإمتاع كل من يحسن تذوقه. وقد ذكر بنفسه، في حوار مصور أجراه معه سيرج علوش قبل وفاته بسنة ونصف تقريبا، أنه التقى ذات مرة بأم كلثوم التي “جنت“ بعد سماعها صوته، وقد استغربت حينها كيف استطاع أن يتقن الغناء بهاته المثالية في مقام “النكريز“!
ازداد سليم (في الأصل سيمون لهلالي) عام 1920 في مدينة عنابة الجزائرية، لا توجد معلومات كثيرة حول طفولته .لكنه قال بنفسه إن أسرته لم تكن تتحدث العبرية في المنزل، بل الكلام الدارج فقط، قبل أن يضيف: «أنتمي إلى أسرة من بربر الشاوية، ووالدي كان راعي غنم». اشتغل سليم في عدة مهن قبل أن يقرر المغامرة تاركا شرنقة العائلة وهو لم يتجاوز 14 من عمره، حيث أبحر إلى مارسيليا الفرنسية عام 1934. يبدو أن سليم لم تكن له وجهة معينة بعد وصوله، إذ يقول محمد الصقلي، في مؤلفه “اليهود في الغناء المغاربي والعربي“ في معرض حديثه عن لهلالي، بأنه «أسلم نفسه للضياع في خضم هذه المدينة العالمية».
سارة صبري
تتمة المقال تجدونها في العدد 105 من مجلتكم «زمان»