عرفت الساحة السياسية، بعد نفي محمد الخامس، ميلاد منظمة الهلال الأسود للمقاومة سنة .1954 ارتبطت هاته المنظمة بعدة أسماء أبرزها لحسن الگلاوي والمهدي الناموسي وعبد الله الحداوي، الذي كان أصغرهم سنا. لكن لماذا اتهم أعضاء هاته المنظمة بالخيانة ومحاولة اغتيال محمد الخامس؟ وما سبب صراعهم مع حزب الاستقلال في فترة عرفت بالعنف والعنف المضاد؟ وكثير من علامات استفهام أخرى سيحاول مصطفى باموس، أحد أعضاء المنظمة والمقربين من عبد الله الحداوي، الإجابة عنها.
داية، هل كان لديكم وعي سياسي بخطورة الأوضاع المترتبة عن نفي محمد الخامس عام ،1953 واشتداد المقاومة كرد فعل على ذلك؟
في تلك القترة، كنت مراهقا لم أتجاوز 15 من عمري، ولم يكن لدي وعي كاف بما يجري حولي، لكن حينما نفي محمد الخامس، بدأ يتفجر نوع من الحماس الوطني، صار الجميع يتحدث عن الاستعمار. وفي المدارس، كانوا ينعتوننا بـ“وليدات الوطن“، وكنا نردد العديد من الأناشيد، وانتشر الوعي بأهمية مقاومة الفرنسيس، فبدأنا نستشعر خطورة الوضع.
كيف عايشتم مخاض ميلاد الهلال الأسود؟
كان عبدا لله الحداوي عضوا نشيطا في المقاومة، إذ تربى في كنف أسرة وطنية، كان خاله هو المقاوم العربي السامي. ربطتني بعبدا لله علاقة صداقة وأخوة، كنا نبيت مع بعضنا البعض، ونقطن في الحي نفسه (درب سلطان)، ونذهب إلى المدرسة سويا، حيث كنا ندرس في المؤسسة نفسها. وحينما اشتدت المقاومة عقب نفي محمد الخامس، بدأ عبدا لله يزرع بداخلي فكرة كتابة المناشير وتوزيعها. وبعد وفاة محمد الزرقطوني في سنة ،1954 قبض على بعض أصدقاء عبدا الله الحداوي .في تلك الفترة، بدأ عبد الله يجتهد في التواصل مع بعض أعضاء المقاومة في درب سلطان، مثل لحسن الگلاوي، وكونوا نواة للمنظمة لكن بدون اسم حتى ذلك الحين، وأصبحت نشيطة وتنفذ بعض العمليات .اعتقل الحداوي بعد ذلك للمرة الأولى، فنبهتني والدته إلى الهرب، مخافة أن يعتقلوني أيضا. فعمد إلى تهريبي بعض أعضاء النواة الأولى للمنظمة إلى فاس ثم إلى تطوان. هاته الأخيرة التي وجدت فيها مجموعة من الهاربين من أصدقاء الزرقطوني يتدربون على تقنيات استعمال السلاح، فانخرطت معهم في التدريب. وبعد مدة، جاءت التعليمات بضرورة عودتي إلى الدار البيضاء .وجدت الحداوي حينها قد خرج من السجن، وصارت كلمته مسموعة في المنظمة التي أصبحت تحمل اسم الهلال الأسود.
تتمة الحوار تجدونها في العدد 99 من مجلتكم «زمان»