تمت أسلمة المغرب بالأساس على يد السكان المحليين الأمازيغ. فكيف تحولت مقاومتهم الشرسة للغزو العربي، تدريجيا، إلى اندماج في هذا الدين الجديد القادم من الشرق؟
تحكي أسطورة ما تزال راسخة في الثقافة الشعبية المغربية، أن سبعة من أعيان قبيلة ركراكة الأمازيغية، ربما سمعوا نبأ ظهور نبي في شبه الجزيرة العربية. شد هؤلاء السبعة الرحال في سفر طويل إلى غاية موطن هذا النبي المذكور في كتب اليهود والمسيحيين. نظرا لكونهم لا يعرفون العربية، تحدث هؤلاء الحجاج السبعة للمسلمين الذين استقبلوهم في مسجد، بلغتهم الأمازيغية، وهي اللغة التي لم يفهمها من الحاضرين سوى رجل واحد هو النبي محمد. تحدث إليهم النبي بلغتهم، وشرح لهم مضمون رسالته وأسسها. أسلم هؤلاء المغاربة السبعة وعادوا إلى بلادهم لنشر الدين الإسلامي، وإقناع مؤمنين جدد بالالتحاق بهم. هكذا، أصبحوا أولياء صالحين وأضحت أضرحتهم مزارات مشهورة.
ترمي هذه الأسطورة لإثبات أمر واحد هو أن الأمازيغ اعتنقوا الإسلام عن قناعة دون أن يفرض عليهم، بل هم أنفسهم ذهبوا للبحث عنه لدى النبي محمد لحظة تلقيه الوحي. بطبيعة الحال، هذه الأسطورة لا تمثل الحقيقة التاريخية، لكنها تعبر، مثل جميع الأساطير، عن شيء من الواقع.
كما تدل على ذلك مصادر تاريخية مختلفة، اعتنق الأمازيغ الإسلام بنوع من السهولة. لكنهم بالمقابل، واجهوا الغزو العربي بقوة، على اعتبار أنه محاولة لإخضاعهم والسيطرة عليهم سياسيا واقتصاديا.
مقاومة شرسة
ينسب للخلفية عمر بن الخطاب أنه كان يرفض تماما التوجه لغزو إفريقية، أي المغرب الكبير كما هو معروف اليوم. استنادا لبعض الإخباريين، قال عمر بن الخطاب في هذا الصدد ما معناه «إنها ليست بإفريقية ولكنها المفرقة غادرة مغدور بها لا يغزوها أحد ما بقيت»، أو «لا أوجه إليها أحدا ما مقلت عيني الماء» كما في رواية أخرى. مع ذلك، وجهت الإمبراطورية الإسلامية جيوشها نحو هذه المنطقة من العالم، سنوات قليلة بعد وفاة عمر بن الخطاب، وخصوصا أثناء عهد الدولة الأموية. تتفق التحريات التاريخية حول أن العامل الذي حفز على غزو المغرب لم يكن فقط نشر الإسلام، بل أيضا البحث عن الغنائم. كانت أهمية الغنائم كبيرة لدرجة أن الخلفاء والولاة والجنود كانوا يعتبرون المغرب الكبير بمثابة كنز من السبايا والذهب والذخائر النفيسة. كان الحكم المركزي في دمشق يولي أهمية كبيرة لهذا الجانب المادي إلى حد جعله يغض الطرف عن التجاوزات التي كان يقوم بها الولاة والقادة العسكريون في المناطق المفتوحة.
يونس مسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 18 من مجلتكم «زمان»