كان طبيعيا أن يحصل الاحتكاك الكثيف بين عدد من أوجه اللغة الغريبة الوافدة وأوجه اللغة المحلية وهي الأمازيغية، فتطورت تدريجيا تعبيرات كلامية جديدة، هي ما نطلق عليه اليوم ” الدارجة” أو “الدارجات” المغربية. هذا الاحتكاك هو ما يطلق عليه شفيق: التوارد بين الأمازيغية والعربية، فما هي أوجه التأثر والتأثير بين اللغتين التي أعطتنا العامية.
بحسب طرح الأكاديمي المغربي محمد شفيق، فإنه كان من الطبيعي أن يحصل هذا التداخل والتزاوج على جميع المستويات اللسانية، فقد اقتبست الأمازيغية اقتباسا مباشرا من العربية طيلة قرون من التعايش معها رصيدا مجتمعيا جد هام. أما نتيجة تأثير الأمازيغية فهي نشأة لغة مغربية وسيطة هي العامية، وهي بالتالي بحسب هذا التصور لغة مستقلة فلا هي تابعة للعربية ولا تابعة للأمازيغية، أي لغة هجينة أو مختلطة أخدت كلماتها ونطقها وبعض قواعدها وتراكيبها من العربية والأمازيغية ثم استقلت عنهما.
«لغة سداها أمازيغي ولحمتها عربية وملمسها “بين بين”: بنى جملها وعباراتها في معظمها أمازيغية، ومعجمها عربي أكثر منه أمازيغي، أما مخارج الحروف فيها والجرس والنبرة فهي مشتركة وقد تختلف باختلاف المناطق الجغرافية وباختلاف الأصول الإثنية والمستويات الثقافية»، يشرح محمد شفيق ماهية هذه اللغة التي تكونت ببطء.
على المستوى الصوتي، تأثرت الدارجة بالنسق الفونولوجي الأمازيغي، «الأمازيغية هي اللغة التي تنحدر منها القيود والاستعدادات البراميترية المتحكمة في آلية تطبيع الكلمات على نحو العربية المغربية الدارجة وعلى سننها»، يذكر الباحث محمد المدلاوي.
عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 74 من مجلتكم «زمان»، دجنبر 2019