خسر المغرب، في منتصف القرن التاسع عشر، أراضي شاسعة في الشرق وحول مليلية بسبب من انتدبهم السلطان للتفاوض مع الفرنسيين والإسبان. المفاوضون المغاربة قبلوا أخذ رشوة وقدموا رغبات الذات على مصالح الوطن.
عالج عدد من الباحثين والمفكرين موضوع العلاقة بين الحرب والسياسة، وتموقع التفاوض بينهما، وفكك آخرون مسألة القوة التفاوضية بين النصر والهزيمة، قبل وبعد المواجهة، وهو أساس دراسات في العلاقات الدولية، كما في الإستراتيجية. لكن أن يتسرب الضعف إلى ممثلي الدول أثناء المفاوضات، فيقَدمون على بيع ذممهم، فذلك يعني أن خللا كبيرا يعتور عملية انتقاء المفاوضين، وأن الفعل الدبلوماسي الهاوي، خاصة حين يناط بضعاف النفوس، لا يمكن أن يصمد أمام آلة دبلوماسية محترفة، توظف، من بين وسائل أخرى، أموالا خاصة لإرشاء من يفاوضها على حساب مصالح بلاده. الأدهى في الموضوع حين يرتبط الأمر بالحدود والتفاوض على الأرض والتراب، فيجري تقزيم الجغرافيا خلسة، بتضخيم الرشاوى للمفاوضين، فتنكمش رقعة البلاد، ليس بضعف القوة العسكرية فقط، بل بانتفاخ جيوب من ذهب للتفاوض. كانت هذه حالة حميدة بن علي الشجعي، العامل السابق على وجدة، أثناء مفاوضات لالة مغنية، مما منح الضوء الأخضر للفرنسيين لتحقيق اختراق تدريجي لشرق المغرب، وإلحاق أجزاء من أراضيه على مراحل، بمستعمرتها بالجزائر، التي صدر قرار بإلحاقها سنة 1834، وأخذ بعدا دستوريا باعتبارها مقاطعة فرنسية سنة 1848. فجرى التنكر للحدود التقليدية، التي كانت للمغرب مع الدولة العثمانية في الجزائر، مقابل الزحف غربا على حساب التراب المغربي، مادامت بنود معاهدة لالة مغنية قد وفرت الالتباس المطلوب للتمدد. ومن سوء حظ المجال الترابي المغربي أنه تعرض لعملية بيع أخرى، في صفقة عرضها الإسبان هذه المرة، لتوسيع مجال مدينة مليلية المحتلة، ولم يكن بطل هذه الصفقة، في هذه المناسبة أيضا، غير ممثل للمخزن اختير ليسهر على عملية تنزيل نزيه ودقيق على أرض الواقع لخرائط مرفوقة بضوابط تعيين الحدود. لكن كان لحمان السعيدي رأي آخر، وهو الذي اعتبر العشرة آلاف ريال، المقدَمة كرشوة، عرضا مغريا، يستحق أن يقدِم من أجله الذات على الوطن.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 21 من مجلتكم «زمان»
شكرا الاستاد الفاضل على مثل هذه المواضيع خصوصا في هذه الظرفية مع الشقيقة الخائنة الجزائر.
و للإضافة فالسلطان عبدالرحمان ابن هشام سجل “أفعال ” المدعو حميدة و اعتبره خائنا و رفض التوقيع على الاتفاقية. لكن فرنسا “الحكارة” هددت السلطان بتفجير موانئ المغرب.و مع دلك فالسلطان اشترط العودة إلى الحدود الاصل قبل التوقيع .
شكرا لكم على مثل هذه المواضيع سيدي.