بعد أزيد من سنة على توتر العلاقات بين المغرب و”أشقائه” في السعودية والإمارات، عادت العلاقات بين الطرفين إلى الالتحام مجددا. ورغم أن الأزمة الخليجية ما تزال قائمة، إلا أن المغرب اختار الحياد وعدم الاصطفاف لجانب محدد.
في السنتين الأخيرتين، لم تعد العلاقات المغربية مع السعودية كما جرت عليه العادة في السابق، فتغير الظروف التي حاقت بالخليج العربي، حدت بالمغرب أن يتراجع عن عدة مواقف. من جانبها، لم تكتف السعودية بالدفع نحو فك الارتباط القوي بين البلدين بشكل دبلوماسي، وذلك عندما أثار الرئيس السابق لمجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، تركي آل الشيخ، تصريحات وتغريدات مستفزة تمس بسمعة وصورة المغرب، في إطار التنافس على تنظيم كأس العالم 2026. لم يتوقف الصراع بين البلدين حول الرياضة فحسب، بل انعكس على العلاقات
الجيو-ستراتيجية والدبلوماسية، حيث استدعى المغرب سفيره بالرياض وقرر الانسحاب من التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن. وبسبب التزام الرباط الحياد في الأزمة الخليجية، شهدت العلاقات مع الرياض خلال العام الماضي “أزمات صامتة” ظهرت مؤشراتها في عدد من المحطات.
ومع تفاقم الأزمة بين السعودية والإمارات وبين قطر، اختار المغرب أن يقف في المنطقة الرمادية وألا يتموقف ضد طرف معين، وهو ما “أقلق الرياض”. لكن ما زاد من غضب المغرب، هو ما قامت به إحدى القنوات السعودية عندما عرضت تقريرا يدعم مزاعم جبهة “البوليساريو”. في خضم هذا التوتر، أوضح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن «الرغبة في الحفاظ على هذه العلاقة يجب أن تكون من الجانبين، وأن تكون متقاسمة، وإلا فسيكون من الطبيعي عدم استثناء أي من البدائل».
رغم هذه “الأزمات الدبلوماسية”، فإن المغرب لم يقطع شعرة معاوية مع السعودية بشكل نهائي، بل ظلت علاقاته “بدون تصريحات مباشرة”، وبدت باردة وعادية جدا. انعكس هذا الجفاء على الجانب السعودي من جهته، حيث قام ولي العهد ابن سلمان بزيارة لشمال إفريقيا، بالتحديد بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، فتعمد استثناء المغرب، وهو الأمر الذي علق عليه ناصر بوريطة بأنه “مجرد بروتوكول”.
تأتي هذه السنة، 2020، لتشكل انفتاحا لعودة المياه إلى مجاريها. فبالرغم من أن “الحصار” ما يزال مفروضا على قطر، والذي تتزعمه السعودية والإمارات، فلم يتردد المغرب في تعرية “اللبس الظاهر”، حيث زار مستشار الملك فؤاد عالي الهمة، في شهر فبراير الماضي، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، مؤكدا استعداد المغرب في دعم بلدهم لتنظيم مونديال 2022. وجاءت هذه الزيارة بعد يوم واحد من زيارة الهمة للسعودية، والتي أعرب فيها عن رغبة الملك المغربي في “تطوير الشراكة المتميزة بين البلدين في كل المجالات وتدعيم آلياتها وإغناء مضمونها”، وهو ما يؤكد تمسك المغرب بطبيعة علاقاته مع أشقائه الخليج، «كيفما كانوا».