لفهم أصل معضلة جرادة المستفحلة، منذ أزيد من 17 سنة، والتي ما تزال فصولها مستمرة باستمرار الاحتجاجات الاجتماعية في المدينة منذ نهاية السنة الماضية لابد من العودة إلى التاريخ. “زمان” تعيد تركيب القصة من البداية إلى النهاية.
لم يكن حادث مقتل عاملين منجميين غير نظاميين في مدينة جرادة، نهاية السنة الماضية، سوى النقطة التي أفاضت الكأس، كاشفة الستار عن وضع مأساوي لمدينة توقف فيها الزمن منذ سنوات طويلة. مدينة مهملة تركت لقدر حزين بعد تصفية شركة مفاحم المغرب وتسريح آلاف العمال الذين كانت تستوعبهم الشركة. فالمدينة التي أنجبها اكتشاف الفحم، أيام الحماية، وجدت نفسها يتيمة من دون بديل اقتصادي يعوض عنها آثار إغلاق المنجم. لم تف الدولة بالتزاماتها الموقعة في اتفاقها مع النقابات سنة 1998، فتحولت جرادة بمن بقي فيها، ولم يهجرها، إلى مدينة شبه ميتة، تعيش عالة على “حفر الموت” التي حصدت عشرات الأرواح طيلة السنوات الماضية. تقدر المصادر النقابية المحلية، التي تحدثت إلى مجلة “زمان”، عدد من قضوا داخل الآبار غير القانونية للتنقيب عن الفحم منذ الإغلاق الرسمي للمنجم سنة 2001 بحوالي أربعين فردا. هؤلاء، حسب لحسن الغالي الرئيس السابق للمجلس البلدي للمدينة في سنوات التسعينات، متوزعون بين العمال السابقين للشركة والجيل الجديد من العاطلين الشباب، الذين لم يجدوا أمامهم بديلا آخر سوى المغامرة بحياتهم في ظروف اشتغال لا إنسانية، لا تخلو من خطورة، وكل ذلك من أجل مقابل زهيد. ويشير لحسن الغالي إلى أن المنقبين عن الفحم في “الساندريات” يقومون، بعد عملية الاستخراج هاته، ببيع ما استخرجوه لأصحاب رخص استغلال واستخراج الفحم بمقابل يتراوح بين 60 و70 درهما للقنطار الواحد، ويقوم هؤلاء بعدها ببيعه بأضعاف ذلك إلى عدد من المؤسسات والوزارات والمعامل. «هذا الوضع قائم منذ 16 سنة، وقد كان أمرا طبيعيا أن نصل إلى ما نحن عليه الآن لأن الدولة لم تف بالتزاماتها، ولم تستطع أن تقدم للمنطقة أي حل آخر.
عماد استيتو
تتمة المقال تجدونها في العدد 52 من مجلتكم «زمان»