تحفل القصور السلطانية بالكثير من المجندين لخدمة أهلها في تنافس على من تكون له حظوة. ثم يتحول التنافس إلى صراع، ومعه تستلهم غريزة الفوز كل الأسباب، بما فيها الدسائس والمؤامرات.
تفيد آداب السلاطين المغربية أن ما يفوق عن عشرين وظيفة أو خطة يتكون منها جهاز الدولة السلطانية، مثل الوزير والكاتب والحاجب والجليس والعامل والقاضي وصاحب الأشغال وقائد الجند وصاحب الشرطة وصاحب البريد والسفير والحاكم، وصاحب المظالم والأعوان والمدرسون، وإمام الصلاة والمحتسب وصاحب السكة والمفتي وصاحب الطعام والشراب… وقد تتسع دائرة هذا الجهاز السلطاني وتتعدد وظائفه وقد تضيق، وذلك حسب طبيعة الدولة السلطانية و”الطور” الذي بلغته، وموقعها بين “البداوة” و”الحضارة”، كما أشار إلى ذلك ابن خلدون. وسط ذلك الحشد، يعتقد كل واحد منهم في أهميته، وينطلق في تسابق للتقرب من الحضرة السلطانية، وذلك ما يؤدي، بالتالي، إلى احتدام صراع لا يرحم بين “رجال البلاط”. يحبل التاريخ المغربي بوقائع وأحداث، تحول فيها القصر إلى مسرح للدسائس والمؤامرات يكون أبطالها رجال من الداخل أعمتهم الغيرة أو الحسد، ودخلوا في حرب مفتوحة لا تنتهي إلا بنهاية أحدهم.
الملف، الذي تضعه مجلة “زمان” بين أيديكم، اختار أبرز الحالات التي أرخ لها الإخباريون والمؤرخون. هكذا، تقرؤون عن الدسائس والمؤامرات التي كانت تحاك في عصر الدولة الموحدية، والتي أصبحت «تدخل ضمن استراتيجية الخليفة الموحدي، الذي وظفه من أجل احتكار السلطة، وإقصاء المنافسين له سواء كانوا من أفراد أسرته، أو من العصبية المصمودية، خاصة منها تلك التي تنتسب إلى أسرة المهدي بن تومرت». وهو نفس الأسلوب الذي «أرساه المرينيون الأوائل القائم على تعدد المساهمين في الغلبة على البلاد والعباد مع الاستفادة من غنائم هذا الإسهام من إقطاعات وإشراف على الجبايات». تقرؤون في الملف، أيضا، كيف استغل عبيد البخاري وفاة السلطان المولى إسماعيل لنسج دسائس قصد خلع سلطان لا يقدم لهم شيئا ومبايعة من يدفع أكثر. وكيف وقفت الأميرة خناتة بنت بكار، كامرأة، في وجه الدسائس ضد ابنها الأمير المولى عبد لله.
ضمن الملف، كذلك، قصة الأمير مولاي اليزيد، الذي شق العصا الطاعة مبكرا عن والده السلطان، بدعم مناصرين من داخل القصر نفسه.
تتمة الملف تجدونها في العدد 57 من مجلتكم «زمان»