في هذا الشهر، تطفئ “زمان” شمعتها العاشرة في نسختها الفرنسية. وتعد تجربة المجلة وانطلاقتها مغامرة علمية وصحافية سابقة في المغرب. وقد لقيت إقبالا كبيرا من طرف القراء داخل وخارج المغرب، وأثنوا على دورها في توسيع دائرة اهتمام المغاربة بتاريخهم، حلوه ومره.
كانت غاية المجلة، منذ عددها الأول، أن تتيح لعموم القراء، على اختلاف شرائحهم ومشاربهم، تاريخ بلادهم وإلقاء مزيد من الضوء على ما أهملته الذاكرة، وذلك من خلال سبر أغوار غابر الأحداث والتواريخ عبر آلاف القرون على هذه الأرض وما يتصل بها.
وصدرت “زمان” في نونبر 2010، قبل أحداث ما سمي بالربيع العربي، التي نبهت العالم العربي، بما فيه المغرب، إلى أهمية الاستفادة من دروس الماضي ومن أحداث التاريخ. ثم استمرت المجلة، وما تزال، بدون انحياز إلى تيار أو إيديولوجية معينة منذ انطلاقتها. والتقت في حوارات حصرية مع شخصيات بارزة صنعت تاريخنا وأسهمت فيه. وقدمت كذلك ملفات ما يزال يتردد الطلب عليها، لأهميتها العلمية ولراهنية أفكارها.
اليوم تطفئ “زمان” في نسختها الفرنسة شمعتها العاشرة، (والسابعة في العربية). وقد لا تكون المجلة الوحيدة المخصصة للتاريخ في المغرب، فهناك مجلات متخصصة ومحكمة يديرها مؤرخون وباحثون كذلك، لكنها مجلات دورية تختلف من حيت الشكل واختيار الخط التحريري والمعايير، وكذلك من حيث الانتظام بالصدور كل شهر على مدى سنوات. ويقول أحد المساهمين في تأسيسها، المؤرخ مصطفى بوعزيز، إن “زمان” جاءت بعدما «راكمت الجامعة المغربية عددا من الأبحاث الأكاديمية باللغة الفرنسية، وكان يجب إخراجها إلى عموم الجمهور».
هكذا، وابتعادا عن تسارع الأحداث بشكل يومي، وما تتلقفه الصحف وتعالجه على عجل، فإن المجلة التاريخية “زمان” تعيد النبش في جوهر الأحداث بتحقيقات في قضايا وإشكالات تاريخية عالقة، وتقدمها سلسة وسهلة على كل قارئ. ثم إن المزاوجة في المجلة بين العمل الصحافي والحفاظ على منهجية البحث التاريخي تعد مهمة صعبة على حد تعبير المؤرخ الطيب بياض وقد يعد ذلك «إنجازا غير مسبوق ببلادنا».
قد تكون “زمان” بنسختيها ساهمت وشاركت في ترسيخ أهمية الاهتمام بالتاريخ العريق للمغرب. وقد انتبه المغاربة لأهمية تاريخهم، وذاكرة بعضهم المشتركة، وكذلك الطلبة والباحثين والمؤرخين، فأقبلوا وانتظموا على قراءة محاورها كل شهر، وأبانوا عن شغفهم بتاريخهم المديد. ومما يؤكد ذلك هو تفاعلهم وملاحظاتهم وتشجيعاتهم للمجلة للاستمرار على نفس المنوال.
أما بخصوص النسخة العربية والتي جاءت بعد نجاح زميلتها الفرنسية والإقبال عليها، فإنها تسير على نفس الخطى وتساهم بدورها في إغناء حيز معرفي أساسي لشريحة كبيرة في المغرب، وهم قراء اللغة العربية.