تميز الألوان الزرقاء والبيضاء والسوداء لباس مجتمع الصحراء أو ما يعرف، محليا، بـ”تراب البيضان”، بينما تؤطر طريقة اللباس أبعاد عسكرية وسياسية.
يتوخى هذا الإسهام تناول لباس الصحراء بعيدا عن الرتوشات الفلكلورية، ليغوص في تناول بنيوي لحفرياته من حيث كونه واحدا من ثوابت الحياة اليومية لمجتمع الصحراء.
وإذا حددنا اللباس كمكون من مكونات الطيف الثقافي لمجتمع الصحراء، فلأنه يمثل معيارا من معايير التعريف الثقافي لـ”تراب البيضان” حيث يتم تجاوز المفهوم الجغرافي الضيق إلى مفهوم أشمل تلتقي فيه الجغرافيا والتاريخ والعادات واللباس ونمط العيش والسكن. ومن هذا المنطلق، فإن اللباس الأزرق والأبيض والأسود يعطي صورة واضحة عن سيادة الثقافة الارتحالية التي يمكن أن نبحث فيها عن وجوهها الرعوية والهجراتية والتجارية والعسكرية وعن رموزها الدينية والثقافية مما أكسب اللباس خصوصية واضحة المعالم.
اللثام والنقاب
تناولت المصادر العربية للتاريخ الوسيط لشمال إفريقيا أحد مكونات اللباس الصحراوي في الفترة، وخصوصا أثناء الحديث عن البدايات الأولى للدولة المرابطية ويتعلق الأمر باللثام تمييزا لمجموعات بشرية بعينها وهي قبائل صنهاجة عن قبائل أخرى مجاورة لها أو بعيدة عنها. وعُرف صنهاجة الصحراء بالملثمين تمييزا لهم عن بني عمومتهم من حاسري الرؤوس والقاطنين آنذاك في التخوم الشمالية للصحراء الكبرى، ولا يعرف الشيء الكثير عن أولية اللثام ودلالاته أكثر من أنه صار شعارا للقوم ومواطنهم الصحراوية. وقد ذهب البكري (توفي في قرطبة سنة 477هـ) أبعد من ذلك، حيث عمم هذه الظاهرة على جميع قبائل الصحراء متفردا بذكر النقاب، وهو يفوق اللثام، حيث قال: “جميع قبائل الصحراء يلتزمون النقاب، وهو فوق اللثام حتى لا يبدو منه إلا محاجر عينيه، ولا يفارقون ذلك في حال من الأحوال، ولا يميز رجل منهم وليه ولا حميه إلا إذا تنقب.
عمر ناجيه
تتمة المقال تجدونها في العدد 20 من مجلتكم «زمان»