حمل الخطاب الملكي الأخير، بمناسبة عيد العرش، بوادر انفراج فيما أصبح يعرف بـ”حراك الريف”، في الوقت الذي لوح باحتمال أن تطال عقوبات مسؤولين سياسيين وإداريين.
يبدو أن الأزمة التي تعرفها مدينة الحسيمة وعدد من المناطق المجاورة منذ أشهر تسير نحو الانفراج، وتنفتح في نفس الوقت على عواقب سياسية قد تطال مسؤولين رسميين. هذا ما يتضح من التطورات التي حملها عيد العرش في ذكراه الثامنة عشر. في غضون ذلك، شمل العفو الملكي بهذه المناسبة، عددا من المعتقلين على خلفية ما بات يعرف بـ”حراك” الريف، وذلك اعتبارا لكونهم “لم يرتكبوا جرائم أو أفعال جسيمة في الأحداث التي عرفتها منطقة الحسيمة”، كما أوضح البلاغ الصادر عن وزارة العدل في هذا الصدد. رغم أن هذا الإجراء لم يشمل كل معتقلي “الحراك” إلا أنه يمثل خطوة في طريق الانفراج المأمول في هذا الملف، إذ يقع الإفراج عن المعتقلين في صدارة المطالب التي ترفعها ساكنة المنطقة في مظاهراتها، وعدد من الهيئات الحقوقية والسياسية. في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، بهذا الشأن، يظهر أن التداعيات السياسية لأزمة الريف لن تكون أقل وطأة من تداعياتها الحقوقية، وذلك استنادا على المؤشرات الصريحة التي تضمنها خطاب العرش في 29 يوليوز الماضي. «لقد أبانت الأحداث – يقول الخطاب – التي تعرفها بعض المناطق، مع الأسف، عن انعدام غير مسبوق لروح المسؤولية. فعوض أن يقوم كل طرف بواجبه الوطني والمهني، ويسود التعاون وتضافر الجهود، لحل مشاكل الساكنة انزلق الوضع بين مختلف الفاعلين، إلى تقاذف المسؤولية، وحضرت الحسابات السياسية الضيقة، وغاب الوطن، وضاعت مصالح المواطنين». هذا الوضع خلق «فراغا مؤسفا وخطيرا»، يضيف الخطاب، ما جعل القوات العمومية تجد نفسها وجها لوجه مع الساكنة، «فتحملت مسؤوليتها بكل شجاعة وصبر، وضبط للنفس، والتزام بالقانون في الحفاظ على الأمن والاستقرار. وهنا أقصد الحسيمة، رغم أن ما وقع يمكن أن ينطبق على أي منطقة أخرى». من هذا المنظور يتوقع أن تسفر التداعيات السياسية لهذه الأزمة عن جزاءات في حق مسؤولين عموميين، خاصة في سياق التحقيقات الإدارية حول تعثر مشاريع برنامج “الحسيمة منارة المتوسط”. وقد شدد الخطاب الملكي، في هذا الصدد، على «ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة». وأضاف موضحا: «لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ. فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب أن يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة. إننا في مرحلة جديدة لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق وواجبات المواطنة، ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب».