شاءت الصدف أن يكون رشيد بنعبد الله شاهدا على مؤامرة 20 غشت 1953، ذلك اليوم الحاسم في تاريخ القضية الوطنية، حين تم عزل السلطان محمد الخامس ونفي العائلة الملكية، لتتصاعد حدة المقاومة ضد السياسة الاستعمارية. من ميادين الرياضة، وجد بنعبد الله نفسه في ساحة القصر الملكي يومئذ، وامتدت صلاته الشخصية بالأمير مولاي عبد الله طيلة حياة الأخير. لكنه كان، أيضا، مناضلا في الاتحاد الوطني (الاشتراكي) للقوات الشعبية، حزب المعارضة الرئيسي طيلة فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني. فكيف جمع بنعبد الله بين صداقة الأمير والالتزام السياسي؟ ماذا يذكر عن يوم 20 غشت 1953؟ وعن طبيعة العلاقات بين القصر وأفراد النخبة الرباطية في تلك المرحلة؟ فيما يلي جوانب من ذاكرة رشيد بنعبد الله حول هذه القضايا والأحداث.
كيف كانت نشأتك ومراحل دراستك الأولى؟
ولدت يوم 18 شتنبر 1935، ونشأت في كنف عائلة رباطية ذات جذور أندلسية، سواء من جهة الأب أحمد بنعبد لله، أو من جهة الأم السعدية عليوة، التي توفيت رحمها لله بعد سنتين على ميلادي. التحقت بمدرسة جسوس، لكنني اضطررت للانتقال إلى مدرسة الأعيان، لأن مدرسة جسوس أغلقت في سياق مظاهرات سنة 1944 بمناسبة تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال، قبل أن يعاد فتحها لاحقا. بعد المرحلة الابتدائية، التحقت بثانوية مولاي يوسف، وفيها بدأ أول اتصال لي بالأفكار السياسية، ولم يكن سني يتعدى 12 أو 13 سنة، وذلك من خلال عبد لله العياشي، الذي كان مدرسا في مدرسة جسوس وبدأ يؤطر مجموعة صغيرة من التلاميذ في نطاق أنشطة ثقافية وكشفية، وقد كان لي الحظ في الالتحاق بهذه المجموعة بما أن أصدقائي كانوا يدرسون في مدرسة جسوس.
تقصد عبد الله العياشي المناضل الشيوعي الشهير؟
تماما، في البداية كان يقتصر على أنشطة ثقافية وكشفية، ثم بدأ يحدثنا عن رأس المال والمبادئ الأولية للشيوعية، وجاءنا بعبد السلام بورقية، بينما كنا ما نزال أطفالا. أستطيع أن أقول إن مدرسة عبد لله العياشي كانت أهم مدرسة سياسية في تكويني. عندما علم حزب الاستقلال بالأمر، قرر الحاج أحمد بلافريج، الأمين العام للحزب، توقيف العياشي عن التدريس، فمدارس جسوس كما هو معلوم كانت من المدارس الحرة التابعة للحركة الوطنية.
حاوره إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 46-47 من مجلتكم «زمان»