اهتم عبد الصمد السكال، القيادي في حزب العدالة والتنمية، بالمقارنة بين تجربة حزبه في الحكومة الحالية وتجربة حزب الاتحاد الاشتراكي في حكومة التناوب. لا شك أن هناك جملة من الظروف الموضوعية التي تجعل مثل هذه المقارنة غير منصفة، فضلا عن أن الطموحات التي كان يعبر عنها الاتحاديون تختلف إلى حد كبير عن تلك التي يعبر عنها الإسلاميون اليوم. لكن حديث السكال، الذي جاء أُثناء الندوة التي نظمها مركز طارق بن زياد يوم الأربعاء 19 نونبر الماضي لتقديم كتاب «عبد الرحمان اليوسفي والتناوب الديمقراطي المجهض» لصاحبه الصحافي محمد الطائع، يبدو مفيدا من وجهة نظر المستقبل. هل سيخرج العدالة والتنمية من الحكومة ضعيفا، كما خرج الاتحاد، من التناوب، مقسما بكاتب أول معزول داخل حزبه؟
قدم السكال معطيات تجعله يعتقد أن حزبه لن يعيش نفس المصير، وأنه اتخذ إجراءات لتفاديه بمجرد توليه الحكومة. من ذلك إحداث منصب مدير الحزب ليساعد الأمين العام، رئيس الحكومة، في السهر على استمرار التنظيم في المستوى المطلوب. إلحاق الوزراء بالأمانة العامة ليكونوا في صورة النقاش السياسي داخل القيادة، وتكون الأخيرة على اطلاع على ما يقومون به. التواصل مع أعضاء الحزب، لوعي القيادة بأنهم «أول المستهدفين بحملات التشويش»، كما أوضح المتحدث، ولتمكينهم من المعطيات التي تجعلهم يتواصلون مع المواطنين حول ما تقوم به الحكومة. بعد ثلاث سنوات على توليه قيادة الحكومة يبدو حزب العدالة والتنمية متماسكا، مؤهلا للمحافظة على موقعه في صدارة الانتخابات المقبلة، والاستمرار في تلبية طموحات وخدمة مصالح الفئات المقتنعة بعرضه السياسي. فهل من بديل آخر غيره؟ هل من فرصة للاختيار؟
يوفر الإسلاميون اليوم عرضا مقنعا لكافة الفئات التي ترى أن مصلحتها تكمن في استمرار التوفيق ما أمكن بين الأصالة والمعاصرة، وفي استمرار برنامج اقتصادي لا يرى ضرورة للعدل، في التقشف، إذا تراجع النمو، ولا يولي اهتماما كبيرا بإبداع مصادر جديدة للثروة. في المقابل، لا يبدو أن هناك، في المشهد السياسي، من يهمه عرض برنامج طموح للمعاصرة دون أصالة، أو من يقترح خططا مختلفة لخلق الثروة، أو منهجية جديدة لتوزيعها العادل. ربما يكون في هذا العجز عن تقديم بديل، والسعي لمجرد خلافة حزب العدالة والتنمية في تنفيذ نفس البرنامج، أو ما لا يختلف عليه جوهريا، أقوى حافز لاستمراره لولاية ثانية.
إسماعيل بلاوعلي